بشفافية
حيدر المكاشفي
لا رفث ولا فسوق ولا سياسة
هذه ايام منع فيها الحق جل وعلا الرفث والفسوق والجدال، في قوله سبحانه وتعالي ( الْحج أَشهر معلومات فمن فرض فيهِن الْحج فَلا رفَث ولا فسوق ولا جدال فِي الْحج) صدق الله العظيم..نحن الآن بين يدي عيد الفداء، فلا رفث ولا فسوق ولا سياسة أيضا، لا اليوم ولا غدا إلى أن تنقضي ايام عيد الاضحى المبارك، ومفروض علينا ان نضع فوق افواهنا خلال هذه الايام المباركات كلاب حراسة على رأى الشاعر احمد مطر الذي قال:
وضعوا فوق فمي كلب حراسة وبنوا للكبرياء في دمي سوق نخاسة وعلى صحوة عقلي أمروا التخدير أن يسكب كأسه ثم لما صحت قد أغرقني فيض النجاسة قيل لي لا تتدخل في السياسة تدرج الدبابة الكسلى على رأسي إلى باب الرئاسة وبتوقيعي بأوطان الجواري يعقد البائع والشاري مواثيق النخاسة وعلى أوتار جوعي يعزف الشبعان ألحان الحماسة بدمي ترسم لوحات شقائي فأنا الفن وأهل الفن ساسة فلماذا أنا عبد والسياسيون أصحاب قداسة قيل لي لا تتدخل في السياسة شيدوا المبنى وقالوا أبعدوا عنه أساسه أيها السادة عفواً كيف لا يهتز جسم عندما يفقد رأسه..
هل كانت هذه الاسطر تقطر سياسة، إن كانت كذلك، فلا مفر اذن من السياسة إلا إليها فحتى الحديث عن الخروف يدخل في باب السياسة، البلاد كلها الآن منشغلة بالسياسة من أعلى رأسها وإلى أخمص قدميها، لا يجتمع اثنان إلا وتكون السياسة محور حديثهما حول ما يحدث بالسودان الآن، وما يحدث الآن لا يرضي للعجب حتى من (احدثوه) للمفارقة، وللمفارقة أيضا إن اكثر من يشغلهم هم الوطن هم اكثر الناس زهدا في السياسة.
هذه ايام عيد، أوله اضحية وآخره تضحية وفي النهاية سيكون الوطن هو الضحية التي لن تجد لها كبش فداء.
اليوم وغدا لا سياسة، هكذا قررت ولكن يبدو اني فشلت فحتى الحديث الذي اعتزمناه عن الاضحية والعيد وجدنا انه سيقودنا ويجرجرنا إلى الحديث عن الوطن الضحية، كبش يذبح فداء ووطن يروح هباء حيث لا فدية ولا افتداء، والحديث عن الخرفان عصية المنال بسبب ارتفاع الاسعار سيفضي بنا لا محالة إلى الحديث عن انخفاض مستوى الاداء السياسي ولهذا يستحسن أن نختم بمطر بمثلما ابتدأنا به:
هذه الأرض لنا
قوت عيالنا هنا
يهدر جلاله الحمار في صالة القمار، وكل حقه به أن بعير جده قد مرّ قبل غيره بهذه الآبار.. يا شرفاء، هذه الارض لنا، الزرع فوقها لنا، والنفط تحتها لنا، وكل ما فيها بماضيها وآتيها لنا فمالنا.. في البرد لا نلبس إلا عرينا، ومالنا في الجوع لا نأكل إلا جوعنا، وما لنا نغرق وسط القار في هذه الآبار لكي نصوغ فقرنا من أجل أولاد الزنا…
الجريدة