ثبت أن الشهادات الأكاديمية وإن كانت من كبرى الجامعات العالمية ليست مقياسا للنجاح لمن تولوا كبرى المناصب بالدولة، وأعنى هنا مجلس الوزراء تحديدا، حيث فشل الكثير من الوزراء من أصحاب الكفاءة في إثبات أن (الشطارة الأكاديمية) بوابة العبور لنجاحهم كوزراء.
فشل الوزراء الذين تمت إقالتهم والذين لا زالوا في حبل الوزارة تتحمله قوى إعلان الحرية والتغيير بصمتها على تجاوزات من كلفته بتشكيل الوزارة ومنحته الضوء الأخضر لقيادة البلاد في أحرج مرحلة سياسية في تاريخها.
وذات الخطأ يتحمله رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك، بإصراره على تنفيذ سياسات خاطئة لا تتوافق وطبيعة دولة في حجم السودان، بتباين ثقافاته وبيئته وإختلافات إنسانه وتنوع إثنياته، بجانب إعتماده لبرنامج غير البرنامج الذي وضعته حاضنته السياسية قوى إعلان الحرية والتغيير حسبما كان الإتفاق منذ البداية.
وهذا الخطأ من الطبيعي والمنطقي أن تتم معالجته بأسرع السبل منعا لأي إحتمالات لحدوث فوضى أو إستمرار لحالة الإحتقان التي يعيشها الشارع جراء الوضع الإقتصادي شبه المنهار.
ثقتنا متوفرة بأن الكثير من المعالجات الفورية ستحدث ، لأن أي إهتزاز لا قدر الله، من شأنه أن يؤدي إلى الفوضى التي ظل الجميع يتحاشاها عدا اصحاب الأجندة والذين يعملون لأجل ذلك بإخلاص متناهي ولحسن الحظ فهم أقلية.
وهذا يدعونا لفتح العديد من الملفات الهامة التي أغفلها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك عمدا أو سهوا، عسى أن تجد إهتماما مسؤولا لحلحلة العالق منها، وتجنبا لسقوط محتمل في فخاخ القادم، ولعل أهم هذه الملفات حاليا هو ملف السلام الذي منحه سيادته في طبق من ذهب للعسكر رغم أنه من صميم إختصاصه كرئيس للحكومة، ولكن !!
وثانيها الملف الإقتصادي والذي وضح تماما أنه (شعرة معاوية) التي تربط المواطن بالحكومة الإنتقالية، وفشل هذا الملف حتى الآن مستمرا رغم كل التوصيات المستمرة التي تم رفعها من قبل خبراء إقتصاديون، وإصرار حمدوك على تنفيذ روشتة البنك الدولي التي حذر منها الخبراء بالداخل والخارج.
أحد الملفات التي لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب هو ملف لجنة إزالة التمكين ومحاربة فساد وإسترداد الأموال، رغم ضمها للعديد من الاسماء الملتزمة سياسيا وأخلاقيا ومهنيا، واسباب الفشل تعود لعدم تركيز وإهتمام مجلس الوزراء مع عملها، رغم أن مقررها عمر مانيس وزير مجلس الوزراء، إضافة للصراع الدائر بين بعض عضويتها وتباين إتجاهاتهم في شكل التفكيك والجهات المستهدفة، وعدم فتح ملفات أخرى في غاية الأهمية لم تصلها أيدي اللجنة حتى الآن، وما نتج عن ذلك من ضياع الكثير من الحقائق والملفات والمستندات الهامة.
سبق وأن طالبنا في هذه المساحة قبل أيام بضرورة معالجة أوضاع هذه اللجنة باعتبارها الساعد الأيمن والعمود الفقري للحكومة فيما يتعلق بتفكيك بنية النظام السابق ودحر الفساد وإسترجاع أموال وأصول الدولة لدى الأفراد والمؤسسات بالداخل والخارج.
وأول هذه المعالجات من وجهة نظري، توسعة عمل اللجنة ومنحها كافة الصلاحيات في مهامها والإسراع بتوسعتها لتشمل كافة مرافق الدولة الحكومي منها والخاص وحتى المؤسسات الأهلية، وإضافة عضوية جديدة لها من أصحاب الخبرة والمعرفة بخفايا وأسرار تلك المؤسسات التي أفقرت البلاد، وإنشاء فروع لها بالولايات، لأن المتابع يجد أن الولايات لا زالت مستلبة بواسطة افراد النظام السابق، ولا زال الفساد فيها مستشرٍ بصورة مقلقة، والتجاوزات بما فيها التهريب يتم أمام سمع وبصر الحكومة ومن بعض أفراد القوات النظامية، ولي شخصيا تجارب سأقوم بسردها لاحقا.