صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

يا أبو البدوي !

10

مناظير 

زهير السراج

يا أبو البدوي !

 

* تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خبران مهمان في اليومين الماضيين أثارا الكثير من الفرح والضجة!

* الأول، توقيع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي اتفاقا مع برنامج الأغذية العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة لشراء 200 ألف طن من القمح لصالح حكومة السودان!

* يقضى الاتفاق بأن يتولى البرنامج استيراد القمح ودفع قيمته بالعملة الصعبة واسترداد قيمته من الحكومة على أقساط بالعملة المحلية !

* يقول حميد نورو ممثل برنامج الغذاء العالمي في السودان، انهم سيستخدمون الأموال التي ستدفعها الحكومة في الاعمال الإنسانية وإعالة المحتاجين في المناطق الأكثر فقرا داخل السودان.

* ويضيف، ان الاتفاقية ستمكّن بنك السودان من الاحتفاظ بأكثر من 50 مليون دولار كعملة صعبة، يمكنه استخدامها في تثبيت سعر صرف الجنيه السوداني.

* حسب الإحصاءات الرسمية، فإن السودان يستهلك حوالى مليوني طن من القمح سنويا يتم استيراد أكثر من نصفها مما يشكل عبئا كبيرا على الميزانية واحتياطي السودان من العملة الصعبة يقدر بحوالي 350 – 400 مليون دولار كل عام !

* من حق الذين فرحوا للخبر الأول أن يفرحوا، فهو بالفعل خبر يثير الفرح والابتهاج،

أولا، لأنه يعنى عودة العلاقة الى طبيعتها بين السودان والمنظمات الدولية فيما يتعلق بالأنشطة غير الإنسانية، حيث كانت العلاقة قبل سقوط النظام البائد مقصورة بين الطرفين على الأنشطة والأعمال الإنسانية فقط، بسبب العزلة الدولية التي كان يعيشها النظام والعقوبات الدولية التي تقيد تعاملاته مع معظم الدول والمنظمات العالمية

ثانيا، حصول السودان على مائتي الف طن من القمح بالمجان، لان الاموال التي ستدفعها حكومة السودان لبرنامج الغذاء العالمي بالعملة السودانية على اقساط مقابل القمح، سينفقها البرنامج على الأعمال الإنسانية داخل السودان (زيتهم في بيتنا)، بالإضافة الى اصطياد عصفورين بحجر واحد: الحصول على القمح، وانفاق قيمته على الأنشطة الإنسانية داخل السودان !

ثالثا، توفير نقد اجنبي في حدود 50 مليون دولار للسودان كانت ستذهب لاستيراد القمح !

رابعا، تغطية حاجة البلاد من القمح لمدة تتراوح ما بين شهر ونصف الى شهرين.

* تلك هي منافع الاتفاق المفرح الذى وقعته حكومة السودان ممثلة في وزارة المالية مع برنامج الغذاء العالمي يوم الاثنين الماضي .

* اذا اضفنا الى ذلك ان كمية القمح المحلى التي ستُنتج هذا العام، حسب التقديرات الاولية للحصاد، تبلغ حوالى مليون طن (وهى تكفى حاجة البلاد لمدة 6 اشهر)، فان الكمية التي يتوجب على الحكومة استيرادها لتغطية حاجة البلاد في الاربعة اشهر المتبقية (من يناير حتى أبريل 2021) 800 الف طن فقط، تبلغ قيمتها حوالى 200 مليون دولار وهو مبلغ يسهل تدبيره مقارنة بإجمالي قيمة استهلاكنا السنوي من القمح التي تبلغ حوالى 400 مليون دولار !

* نستطيع ان نخلص من ذلك ان ازمة الخبز في طريقها الى الانقشاع ان شاء الله، وان السودان سيشهد عاما بلا ازمة خبز، اذا سارت الامور على ما يرام!

* الخبر الثاني، زيادة الأجور بأكثر من 550 % كما أعلن وزير المالية في تغريدته على (تويتر) وهو خبر مفرح بدون شك، فمن منا لا يفرح بارتفاع الحد الأدنى للأجور من 500 جنيه الى 3000 ج، وارتفاع مرتب المعلم في مدخل الخدمة (مثلا) من 1600ج الى حوالى 11000 ج في فترة عام من بداية تطبيق الهيكل الجديد في الاول من مايو هذا العام ، ولكن دعوني أكون صريحا معكم .. ستكون هنالك خطورة كبيرة على الاقتصاد وقيمة الجنيه إذا لم تُتخذ تدابير دقيقة ومشددة لكبح التضخم وارتفاع الأسعار جراء زيادة حجم الكتلة النقدية، خاصة مع ضآلة الانتاج المحلى وشح العملة الصعبة وانعدام الرقابة على الاسواق .. مما يعنى أن الزيادة يمكن ان تُلقى بالاقتصاد والجنيه في هوة سحيقة لا يعلم مداها الا الله، بالإضافة الى انها ستكون مجرد (شمار في مرقة) للحاصلين عليها!
ربنا يكضب الشينة!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد