ولأن الخصم لا ذمة له ولا أخلاق فلا يمكن توقع المكان الذي يمكن أن تاتي منه الضربات ، وهذه واحده من أكبر المعيقات والمشاكل التي تواجه حكومة الثورة ، فالذي يمثل المعارضة أمامها هو المؤتمر الوطني صانع الفساد ورب خلق الأزمات ، وهو الحزب لايتورع عن استخدام نفس الاسلحة التي استخدمت في الاطاحة به ورفعها في وجه خصمه ، حيث لايتمتع منسوبوه بأقل درجات الحياء – وإلا فكيف نفهم أن يزايد الحزب القذر علي دماء الشهداء ويتهم قوي الحرية والتغيير بالتخاذل في المطالبة بالقصاص رغم أنه المتهم الاول – إن لم يكن الاوحد – بقتل الشهداء .
ثم هاهو حزب الفاسدين والذي ادعي من قبل أن الثورة قد سرقت منه يعد العدة لانتقاد الميزانية واستخدام سلاح الغلاء المتوقع حدوثه جراء رفع الدعم لاستغلال ذلك ضد الحكومة وهو الذي كان يلجأ لذات الوسيلة في محاولات فاشلة منه لدرء اثار فساده وتوغله في المال العام .
نقول ، الحكومة الحالية اذا لجأت الي سياسة رفع الدعم فستفعل ذلك بالضرورة لعلاج تشوهات الاقتصاد التي طالته بسبب أفعال المفسدين وسرقاتهم ، ولدرء اثار سياسات التجنيب والتهريب والتهرب الضريبي والاعفاءات التي تمتع بها منسوبو النظام البائد وشركاتهم التي أوردت اقتصاد البلاد موارد الهلاك وأغنت الطفيلين علي حساب مقدرات الشعب والوطن .
إن الوعي الكبير الذي أحدثته الثورة يجعل من السهل التفريق بين مسببات نفس القرار في ظل ظروف مختلفة وإن تشابهت نتائجه ، وعلي حكومة حمدوك أن تتجه لعلاج الازمات من جذورها رغم تخوفات قوي الحرية والتغيير من استغلال الخصم للظروف المتوقع حدوثها ، ومن اصطياد المؤتمر الوطني – كما تعود – في الماء العكر . فرفع الدعم عن الوقود أو أي سلعة اخري – في ظل وجود حكومة نزيهة يعني أن يذهب ذلك الدعم مباشرة الي من يستحقونه ، بينما نفس القرار في ظل وجود حكومة اللصوص يعني ذهاب فرق السعر الي جيوب المنتفعين .
الواقع يقول أن نسبة كبيرة من أموال الدعم تذهب الي غير مستحقيها – سواء كانوا من الأغنياء أو الأجانب – وكلتا الشريحتين لا واجب للحكومة تجاهها علي الاقل من حيث استحقاق الدعم المباشر ، ولن تكون هناك صعوبة في التفريق بين الفئات المستحقة وغيرها حيث يمكن تفعيل نظام التعاونيات والاستفادة من جهود شباب الثورة ولجان المقاومة بالاحياء لانجاح التجربة ومراقبة تطبيقها .
الحكومة كما هي مطالبة بتجفيف دموع اسر الشهداء بالعمل علي محاسبة القتلة والمجرمين فهي مطالبة بانتهاج السياسات المتوازنة والصحيحة في معالجاة اثار سياسات النظام البائد ويجب أن تفعل ذلك بكل حكمة ونزاهة بعيدا عن العواطف والترضيات .