هتف عشرات من الشباب الثلاثاء في السوق الشعبي الخرطوم بشعارات تعبر عن رفضهم القاطع للحلول الجزئية عن أزمة المواصلات في الخرطوم. وردد المتظاهرون هتافات تندد ببطء الحلول وقالوا: (غشونا بالقطار، وخدعونا بمحاسبة الكيزان ومشونا علي الأقدام). وكان رئيس مجلس الوزراء المفوض عمر مانيس أصدر قراراً قضي بإنزال سيارات الوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية السودانية لتعمل على نقل المواطنين أثناء ساعات العمل الرسمية، وبعد نهاية الدوام اليومي وفي العطلات الرسمية وأن تشارك القوات النظامية في ترحيل المواطنين مجاناً. ويأتي القرار امتداداً لخطوة قائد الدعم السريع عضو مجلس السيادة محمد حمدان حميدتي حين وجه منسوبي قواته بنقل المواطنين بسيارات القوات، لكنه علقها تحت ضغط سيل اتهامات بالرغبة في تحسين صورة الدعم السريع والسعي لتحقيق أهداف سياسية ولن تحل ضائقة المواصلات بالعاصمة.
وقالت إمرأة طاعنة في استطلاع صحافي: (الحال يغني عن السؤال والمشهد تراجيدي لمعاناة آلاف المواطنين في انتظار المواصلات العامة تقلهم من محطات وسط الخرطوم في (جاكسون، الاستاد وشروني) ومن وسط أمدرمان (الشهداء، المحطة الوسطي، السوق الشعبي أمدرمان) ومن وسط الخرطوم بحري (المحطة الوسطي، المؤسسة، الكيلو) إلى أحيائهم ومساكنهم بعد يوم طويل من العمل يحكي عن عجز الحكومة لحل مشكلة المواصلات). وقالت وهي تحكي عن معاناتها اليومية: (يا ولدي هسع ناس الحرية والتغيير ديل شبكونا كلام في كلام، نفكك دولة الكيزان ونحاكم المجرمين، ونسوا حل مشاكلنا الاساسية المتمثلة في قفة الملاح، المواصلات، الأدوية المنقذة للحياة. الأسر تسابق الليل بالنهار لتوصل أولادها إلى المدارس. الناس بتموت حسرة ولا حياة لمن تنادي).
إرهاصات انفجار الشارع السوداني بدأت تلوح في الأفق بسبب تفاقم أزمة المواصلات من جديدة والتي تكابد حكومة حمدوك لمعالجتها المشاكل بتوجيه المؤسسات الحكومية بنقل المواطين المتكدسين وسط العاصمة نهاية كل يوم والهرولة حل المشكلات الضاغطة المتمثلة في المشتقات البترولية ونقص الدقيق خوفا من احتجاجات التجمهر. وشرعت حكومة حمدوك في تشكيل أربع لجان لتسريع حل أزمة المواصلات بزيادة أسطول النقل وتوزيع المشتقات البترولية وتسهيل حركة السير في الشوارع، لكن الأزمة ماتزال تراوح مكانها لان حكومة ولاية الخرطوم لم تحدد سعر تعريفة المواصلات مع انخفاض قيمة العملة الوطنية. ويعزي دكتور محمد علي تورشين المحاضر بجامعة نيالا مشكلة المواصلات إلى حزمة أسباب قديمة عانت منها الخرطوم مثل تردي شبكة الطرق، والازدحام المروري، وعدم التخطيط، فضلاً عن الدوام الواحد السائد في جميع دواوين الدولة مما يخلق ذروتين، صباحية ومسائية. ويقترح دكتور تورشين على مجلس الوزراء اتخاذ قرارات عاجلة بفتح استيراد مركبات النقل بإعفاءات جمركية، وفك الاختناق المروري، ودخول الدولة في قطاع النقل كما هو سائد في أغلب الدول، فضلا عن عقد ورشة بشأن الأزمة، في اشارة الي أن سائقو المركبات تقسيم الخط الواحد إلى خطوط عدة تصل أحيانا إلى 4 خطوط فيضطر المواطن لدفع 3 إلى 4 أضعاف ما يدفعه قانونا. ويضيف تورشين إن الولاية في حاجة إلى 3 آلاف حافلة، في حين أن كل ما لديها لن تنقل سوي 25 % من المواطنين ولابد الاستفادة من ثلاثة أنهر تطل مدن وأحياء الولاية على ضفافها باستخدام قوارب وقطارات لمعالجة المشكلات.
وفي سياق آخر يري الدكتور الخبير في الاتصالات محمد عبدالله شريف أن أزمة المواصلات تحتاج إلى تدخل عاجل وسريع،من الحكومة لأن أسرة متوسطة سيكون مضطرا لدفع أكثر من راتبه لتغطية نفقات تنقله وأطفاله الطلاب،وهذا الوضع لن يخلو من مخاطر وهو وضع محفز للاحتجاج.