صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لماذا لا تأكلون الجاتوه ؟

12

خلف الاسوار
سهير عبد الرحيم
لماذا لا تأكلون الجاتوه ؟

حين وقفت أمام الفرن الآلي لشراء خبز للمنزل، اكتشفت أني طلبت الكمية الأقل. عامل الفرن استغرب وقال لي خبز بعشرين جنيه بس..!!أجبته نعم ..!!
وحين تلفت حولي اكتشفت أن غالبية الذين يقفون في الصف يشترون أقل كمية بخمسين جنيهاً. أما البقية فتتراوح كمياتهم بين خمسين وسبعين ومائة ومائة وعشرون .
سألت عامل الفرن بمخبز محطة الكبري شارع جبرة ، هل هذا الشراء طبيعي؟، فأجابني لا ، من كان يشتري بعشرين صار يشتري بخمسين ومن يشتري بخمسين صار يشتري بمائة . وهكذا..!!
الشاهد أنني وحين سألت العامل لم يكن لسان حالي في السؤال حال ماري أنطوانيت ملكة فرنسا و زوجة لويس السادس عشر حين سألت عن سبب المظاهرات فقيل لها إنه الخبز..!! فتساءلت دعهم يأكلون الكعك، وفي رواية أخرى ألا يوجد جاتوه؟ .
لم يكن سؤالي او دهشتي حال ماري انطوانيت، وأنما كان لسان حالي ألا يوجد كسرة أو عصيدة أوقراصة في البيوت يمكن أن تساعد في دعم الخبز وتخفيف الضغط عليه؟ .
ام أننا شعب جُبلنا على اللهث وراء الندرة واكتناز الأكثرية من كل ما نعتقد أنه قابل للفقدان أو غير متاح او قد يشهد شحاً وندرة .
إنها لعمري حالة من الجشع لا تشبهنا، نحن الذين نمجد ذاتنا بنجدة الملهوف وإغاثة الجائع، لماذا نحرص على شراء كل المطروح من الخبز دون أن نفكر في أن المائة رغيفة التي نحملها ويجف أغلبها ويتعفن في اليوم التالي ويصبح غير صالح للاستخدام، لماذا نحمل مائة او خمسون رغيفة ليأتي مواطن بعدنا ولا يجد رغيفتين تطعمان طفلاً في منزله او مريضاً او جائعاً ينتظر والده الذي يدخل وهو خالٍ الوفاض؟!.
ما الذي أصابنا يا ترى..!! ماهذا الجشع، وماهي الضرورة لشراء كل هذه الكمية من الخبز، هل نحن مقبلون على مجاعة سنة ستة، ام انه تخزين لسبع سنين عجاف وسبع سنين شداد، وعام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون .
إن الأسلوب الذي يتعاطى معه الكثير من المواطنين مع أزمة الخبز وأزمة الوقود وأزمة الغاز وأزمة السيولة، هو واحداً من الأسباب الرئيسة لتلك الأزمات.
الحرص على ملأ تنك الوقود (فُل) وعلى سحب كل الكاش في الحساب وعلى ملأ كل اسطوانات الغاز وعلى شراء خبز أكثر من الحاجة، كل ذلك من شأنه أن يساهم بصورة او بأخرى في تفاقم تلك الأزمات .
هذا لا يعني أن الأزمات ليست موجودة ، ولا يعني أنها من صنع المواطنين، ولكن بترشيد القليل من الاستهلاك وإعلاء ثقافة الإيثار، نستطيع أن نبني وطننا بعيداً عن الاحتقانات والأزمات.
خارج السور
عزيزي المواطن.. خذ من أي منتج مقدار حاجتك.. فهذه ليست سنة ستة!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد