صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أزمة الوقود .. العودة من جديد

61

 

تطل أزمة الوقود برأسها من جديد في العاصمة الخرطوم، ومنذ أمس الأول كانت صفوف السيارات السمة البارزة لمحطات الوقود، التي امتدت حتى ضيقت على جوانب الشوارع الرئيسية والفرعية بالخرطوم، مما انعكس سلباً على توفر المواصلات والتي أصبحت ضمن هموم المواطن الكبرى مؤخراً، ناهيك عما يحدث في الولايات من احتداد الأزمة وتفاقمها، التي أصبحت ضمن جملة التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، وهي تطلق وعوداً بإيجاد حلول سريعة للوقود والمواصلات وكذلك الدقيق، فهل ستفلح في ذلك ؟ .

*فلاش باك
في الأزمات السابقة كانت الأسباب تعود إلى صيانة مصفاة النفط بالجيلي بحسب تصريحات المسؤولين وقتها، إلا أن أصواتاً كانت تقول بصوت هامس: إن المصفاة يعاني من خلل وهو بحاجة إلى صيانة حقيقية ليست كالتي كان المسؤولون في النظام السابق يشيرون إليها، وأن الأزمات المتكررة تعود لتعمد تعطيل المصفاة والهدف منه منع حدوث كارثة حقيقية (انفجار المصفاة) يمكن أن تصيب منطقة الجيلي المتاخمة للمصفاة، فيما جاءت تصريحات المسؤولين الحاليين مطمئنة بعض الشيء بتوفير البنزين بعد استيراد كميات معقولة لمجابهة الطلب والاستهلاك.
*تجدد الأزمة
مع تجدد الأزمة تذهب التكهنات في اتجاهات عدة منها وجود الدولة العميقة التي تمارس أساليب تخريبية الغرض منها إفشال الحكومة الجديدة ؟، أو أن الأسباب آنفة الذكر عادت للسطح مرة أخرى، وهنا يقر مدير إحدى محطات الوقود التابعة لإحدى شركات النفط (فضل حجب هويته) ببوادر أزمة وشح في البنزين، وقال إن الأمور ليست على ما يرام، المدير رجح أن يعود السبب إلى ضعف إنتاج مصفى الجيلي لأسباب لم يتم الكشف عنها في الوقت الحالي بحسب تعبيره، خاصة وأن المصفاة كانت تغطي الطلب المحلي ويتم تصدير الفائض إلى إثيوبيا، وكشف الرجل عن ضآلة الحصص الموزعة للشركات مؤخراً والتي لا تلبي احتياج محطتي وقود داخل العاصمة فقط، وأبان أن الولايات الأكثر معاناة في توفير البنزين، وأكد في الوقت نفسه أن استمرار الأزمة يضطر الحكومة إلى إيقاف تصدير البنزين إلى إثيوبيا إلى حين إنجلاء الأزمة .
*أزمة موروثة
المحلل الاقتصادي كمال كرار ارجع الأزمة إلى أمرين بعد أن اعتبرها أزمة موروثة من النظام السابق، أولهما مراجعة الاتفاقيات مع شركات النفط الموجودة بالبلاد، خاصة وأن الإنتاج النفطي لا يتجاوز (45- 60) ألف برميل في حين أن المصفاة يمكنها العمل بطاقة تصل إلى (115) ألف برميل لتغطية الطلب المحلي، وشدد في الوقت نفسه إلى ضرورة تطهير القطاع النفطي من الفساد الذي رشح فيه من النظام السابق، مؤكداً أن من أسباب ظهور وتكرار أزمات الوقود يعود إلى سوء إدارة قطاع النفط، واعتبر أن ذلك من أهم التحديات التي تواجه الوزير الجديد .
كرار يرى أن الدعم السعودي الذي كان يقدم للبلاد من الوقود لا يعتبر حلاً جذرياً للأزمة، واضعاً الحل في توفير الأموال من بنك السودان للاستيراد السريع للوقود خاصة وأن السوق العالمي مليء بالعروض، مع الأخذ في الاعتبار برمجة وتوازن عمليات الاستيراد، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تكاملية مع دولة الجنوب لتوفير النفط واتفاقيات أخرى مع دول جديدة منتجة للنفط .
*استهلاك غير مسؤول
ولكن المحلل الاقتصادي الفاتح عثمان يرى الأمر بزاوية مغايرة تنحصر في تعدد العوامل المؤثرة على الطلب على الوقود، وقال إن الدعم الكبير المقدم من الحكومة للسلع الأساسية كان مشجعاً للاستيلاء غير المسؤول والاستهلاك غير المسؤول، وأن ذلك يظهر جلياً في تكدس السيارات للحصول على حصص كبيرة من الوقود، كما أنه كان السبب الرئيسي في تهريب الوقود وغيره من السلع، وقال إن الدعم للسلع يجعل الكثير من الحكومات تتفاجأ بحدوث فجوات وأزمات في الوقود رغم ضخها لكميات كبيرة منه، وأضاف عثمان أن الدعم لا يشجع التهريب وحده وإنما يشجع على استهلاك إضافي للوقود في قطاعات متعددة ويجعلها تعتمد عليه دون إيجاد بدائل نسبة لرخص ثمنه كما في قطاعات الصناعة وإنتاج الكهرباء.
فيما ذهب آخرون إلى أن توقيف حوالي 50% من إنتاج شركة أرامكو السعودية كان سبباً في الأزمة خاصة وأن المملكة دائماً ما تدعم البلاد بالوقود، وكشفت وزارة الخارجية السعودية عن اعتداءات وصفتها بالتخريبية وغير المسبوقة تعرضت لها منشآت إمدادات النفط للأسواق العالمية في المملكة.

آخر لحظة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد