في أخبار الأسبوع الجاري أن باخرة سعودية اماراتية في طريقها لميناء بورتسودان تحمل (572) ألف طن من القمح لإطعام السودانيين وطائرة قطرية قد حطت في مطار الخرطوم تحمل أدوات رش وخيام لإيواء المتضررين من السيول والأمطار.. وقبلها مساعدات كويتية وصلت الخرطوم دعماً للمتضررين من نعمة الأمطار التي بعجزنا وفشلنا في توظيف الماء المنهمر مجاناً من السماء يصبح نقمة علينا.. وينتظر السودانيون هبات وعطايا الخليجيين لسد فجوة الوقود في كل عام.. وتصبح البلدان الخليجية بمثابة كفيل وراعٍ للخرطوم من غير حق!! وفضائح يندى لها جبين كل سوداني خجلاً وتطأطئ الحرائر رؤوسها أسفاً على ما يجري في محاكمة الرئيس السابق والإجابات الصادمة له وهو في قفص الاتهام ويبرر تصرفه في أموال خليجية (بائسة) جداً بناء على رغبة الكفيل السعودي!!
ووفود قوى الحرية التي (حجت) إلى إمارة بن زايد عادت وهي تتبختر فرحاً بما جرى خلف الغرف المغلقة، والآن الجميع ينتظرون تشكيل الحكومة لا لتبني وتعمر وتعتمد على نفسها ومواردها.. ولكن لتنهمر عليها المساعدات وتغمرها العطايا وتسد حاجتها من المال بمد اليد.. الغني بموارده يسأل الضعيف وشريف يستجدي خائن قضية العرب في أوسلو وفي برلين وواشنطون..
هل السودان فقير حتى يتسول القمح والأرز وعند كل خريف منذ عام 1988م وحتى اليوم تعلن حالة الطوارئ.. وتمد بلادنا يدها بطريقة مهينة تنتظر فقط طائرة إغاثة من مصر وأخرى من البحرين وثالثة من الرياض ورابعة من قطر وقريباً يتبرع لنا الإخوة في دولة الجنوب بالخيام وتأتينا شحنات المساعدات من الصومال وجيبوتي.. في آخر أيام النظام السابق رافقت مع صحافيين أخر وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد في زيارة لدولة إفريقيا الوسطى.. والسودان يقود مبادرة للتوفيق بين الفرقاء هناك.. من أجل إعادة الاستقرار للدولة المنكوبة بالحرب.. هبطنا مطار بانقي الصغير.. وتوجه الوفد لداخل المدينة.. شاهدنا الرغيف يعرض في الأسواق ولا يجد من يشتريه والجازولين والبنزين في محطات الوقود ولا عربة تنتظر في الصف.. والتيار الكهربائي يسري ولا قطوعات.. صحيح الرئيس تحرسه قوات من رواندا بقبعات أممية.. ولكن في ذلك الوقت كانت صفوف البنزين في الخرطوم تطاولت والخبز لا وجود له.. والناس في جزع من وطأة الأزمة الاقتصادية فقلت للأخ عبد الماجد عبد الحميد هل نحن في مشكلة أم أفريقيا الوسطى في أزمة؟؟ بلادي سهول وبلادي مياه وقدرات وموارد ولكنها ضعيفة تحتفي بقمح السعودية والإمارات والأولى هي من يزرع القمح في الشمالية والثانية تأتي به من البراري الكندية، ولكن نحن في كل عام ننتظر أن نغاث بدلاً من أن نغيث يطعمنا من لا يملك طعامه.. وكل شيء ثمن ندفعه من كرامتنا واستقلالنا وعزتنا وشرفنا وقيمنا المهدرة..