مدنية.. لا حكومة ولا كهرباء ولا رغيف ولا مواصلات..
(1)
• أقسى ما يمكن أن نصل له من (الضيق)، هو ما وصلنا له حالياً، إذ تكاد الحياة لا تطاق لولا أن الشعب خرج من ثورة يحسب أنه انتصر فيها، وتحرر من نظام كان يكتم أنفاسه وحرياته، فسكّن بذلك الانتصار وتلك الثورة جراحاته وآلامه التي تتزايد يوماً بعد آخر.
• الطاقة الإيجابية التي منحتها الثورة للشعب، هي ما يعيش بها الآن، هي زاده ووقوده،وهي التي يتحرك ويصبر بها ويرابط عليها، ولولا تلك الثورة المجيدة، لنفد صبر الناس وربما نفدت حتى حياتهم..فقد ثار الشعب بعد أن أصبح هياكل عظمية.
• بلغنا مراحل خطيرة، نواجه فيها (المعاناة) في كل الطرقات، دون أن يكون هناك تحرك من السلطة للبحث عن حلول، بعد أن استغلت السلطة والواجهات السياسية الجديدة الوضع الثوري، وعلقوا على (الدولة العميقة) كل الأزمات والمشاكل، وركنوا الى (وضع الثورة) الذي يخلقون عبره مبرراتهم وأعذارهم بقولهم إن الحكومة لم تشكل بعد، وأن البلاد تحتاج لفترة طويلة للخروج من (هوة) الإنقاذ التي كانت فيها البلاد.
• سوف ندخل لهوة أخرى قد تكون أخطر من الهوة الأولى، حتى نخرج من هوة الإنقاذ تلك.
• هذه الأعذار التي تقدمها السلطات وتصنعها لمواجهة الأزمات، لو أنهم أبدلوها بحلول، لما احتجنا منهم لكل هذا الجهد الذي يبذلونه في أعذارهم ومبرراتهم الواهية.
• أسقطوا النظام البائد مرة، ومرتين وربما أسقطوه للمرة الثالثة توالياً ـ أتعجزون عن إسقاط (الدولة العميقة) التي تعبث الآن في المرافق الخدمية وترديها الى أسوأ منقلب لها..ونحن ليس لنا أمام ذلك غير أن نقول: (دي الدولة العميقة).
(2)
• بدأت هذه الثورة وتفجر غضبها لأسباب (اقتصادية)، بعد أن تمددت (الصفوف) وأصبحت هي الوسيلة الوحيدة للحصول على أية خدمة او سلعة تقدمها الدولة او تدعمها، لهذا فإن استمرار الصفوف وازدياد الضيق الاقتصادي الذي يوصلنا الى مرحلة (ضنك العيش)، يمكن أن يفجر ثورة أخرى، ويمكن أن يُحدث انحيازاً آخر من قوات الشعب المسلحة، ويمكن أن يولد من جديد قوى إعلان حرية وتغيير..والشعب الذي صنع ثلاث ثورات يتحدث عنها التاريخ لن يفشل في صناعة الثورة الرابعة إن لم تحققوا للشعب مطالبه الشرعية.
• لهذا نقول لكل تلك الأجسام، أن انتبهوا لذلك، فقد كادت أن تبلغ (الحلقوم)، وأهل السلطة عندنا مازالوا يدورون في نفس المحيط الذي كان يدور فيه النظام السابق.
• التدهور في الكهرباء والتضخم في القطوعات بلغ أخطر مراحله.
لم أشهد ذلك التدهور المريع الذي حدث في استمرارية التيار الكهربائي طوال سنوات الإنقاذ.
• الإدارة القومية للكهرباء كانت تتعذر بانحسار مناسب المياه في مجرى الأنهار وفي الخزانات، والآن تلك الأنهار تفيض وتصل أعلى معدلات مناسيبها بعد أن أنعم الـله على البلاد بخريف لم نشهد مثيله منذ سنوات طويلة.
• مع ذلك، فإن قطوعات التيار الكهربائي تتزايد بصورة مخيفة. صورة أصبحت فيها (القطوعات) في الكهرباء هي الأصل، وما عدا ذلك فهو من الاستثناء.
• تلاحقنا مع ذلك أزمة مستمرة في (الرغيف)..تتبدد حيناً وتعود أحياناً أخرى بصورة أكثر شراسة، يقابل ذلك (تقزيّم) مستمر لحجم (الرغيفة)، إذ نوشك أن نتعامل مع (الرغيف) عبر (الميكروسكوب) بعد أن تعذَّرت رؤية (الرغيفة) بالعين المجردة.
• يضاف لهذه المعاناة، معاناة طاحنة أخرى تظهر في أزمة المواصلات وفي ازدحام الطرق، إذ تفقد يوم او بعض يوم في مشوار كان بالأمس القريب لا يستغرق من الزمن أكثر من نصف ساعة.
• مجلس السيادة وقوى إعلان الحرية والتغيير وحكومة حمدوك اذا لم ينتبهوا لهذا الوضع الاقتصادي المخيف، سوف يصيروا في الوضع الذي فيه النظام السابق الآن.
• انتبهوا لهذه المخاطر، واعلموا أن (التنظير) و(الأماني)، و(الأحلام الوردية)، لم تعد تصرف من صيدليات هذا الشعب العظيم.
(3)
• الكارثة الكبرى والنهاية القريبة للنظام الجديد سوف تكون في فتح المدارس في ظل هذه الأوضاع الخانقة، إذ يتذبذب التيار الكهربائي وتزدحم المواصلات، ونعيش في ندرة واضحة في الرغيف والبنزين والوقود.
• إن لم تجدوا حلولاً لهذه الأزمات، نحذركم من فتح المدارس في ظل هذه الروح الثورية التي تسيطر على كل الطلاب وتدفعهم نحو الخروج والرفض والثورة.
• يضاف لذلك ما فعله فصل الخريف في الكثير من الولايات، وما لحق بالمدارس والداخليات، لتصبح غير صالحة بوضعها الراهن.
(3)
• بِغم /
• بعد ثورة استمرت أكثر من (8) شهور قدم فيها الشعب السوداني من الشهداء أفضل ما عنده من الشباب والنساء والأطفال،اذا كانت حلولنا الاقتصادية لمناهضة الأسعار ومكافحة الغلاء تتمثل في (المقاطعة) فإن لنا أن نقول (لم تسقط بعد).
• ما هو جدوى مجلس السيادة – وحمدوك وحكومته..وقوى أعلان الحرية والتغيير اذا كان الشعب مازال يبحث في العلاج عن طريق (المقاطعة).
• فلتكن أول (مقاطعة) للشعب السوداني إن لم تحل تلك الأزمات وتخفض الأسعار، هي مقاطعتنا للحكومة الانتقالية.
• هذا الشعب مازال هو الذي يفكر ويخطط ويعمل ويدفع الثمن.
• أين الحكومة؟.
• بل، ولِمَ كانت الثورة؟.