(1)
في إحدى ولايات كردفان تمت صيانة سيارة الوالي الحالي بمبلغ مليار وسبعمائة ألف جنيه، والسيارة تتبع للقوات المسلحة.. وبعد أن دفع مكتب الوالي بالخرطوم تكاليف الصيانة قرر أن تمشي السيارة بأقدامها إلى حيث عاصمة الولاية وقبل أن تصل السيارة مدينة جبرة الشيخ “سيحت ماكينة” وتم تحميلها على سحاب لتعود للخرطوم ويطلب مبلغ صيانة جديدة..
هذه المرة شراء ماكينة جديدة لسيارة السيد الوالي الذي تكرم بالتصديق لوزراء سابقين “بمكرمة” عبارة عن سيارات بسعر زهيد سيارة صالون ماركة (BYD) لمعتمد سابق بمبلغ (120) مليون فقط.. كل هذا يحدث في مناخ ثوري عام يقدم فيه رموز النظام السابق بتهمة الفساد بينما الذين جاءوا من بعدهم قد بدأت عليهم شراهة حب السلطة.. وتبديد المال العام كما حدث في الولاية الكردفانية.. مدير مكتب الوالي بالخرطوم ظل يردد بانتهازية بأنه قد أصبح من قادة الحرية والتغيير ولكنه لم يحدد إلى أي حزب من أحزاب الحرية والتغيير ينتمي..
الفساد إمبراطورية ممتدة من سنوات مايو إلى الديمقراطية الثالثة والإنقاذ والحكومة ما قبل الانتقالية، ولكن حينما يصبح الفساد طاغياً مثلما حدث في الولاية الكردفانية، فإن منظمة “زيرو فساد” التي نشطت في الشهور الماضية لملاحقة الفاسدين من رموز النظام السابق مطالبة بملاحقة الفاسدين من رجال هذا العهد!!
(2)
الفحص الأمني لأسماء الوزراء الذين تم ترشيحهم للحكومة الانتقالية قد أبعد بعض المرشحين لمناصب الوزراء نظراً لملفات بعض المرشحين المتورطين في قضايا “تخابر” مع المنظمات الأجنبية وبعض الدول العظمى.. وقد بلغ ببعضهم التطاول على القوات المسلحة والمطالبة بفرض عقوبات عليها وعلى قادتها.. ويحتفظ الأرشيف بمواقف معلنة لبعض من هؤلاء من كان يعارض النظام السياسي للإنقاذ ذلك مكفولاً وشرفاً.. ولكن من كان يعارض الوطن ويطالب بفرض عقوبات على شعبه وحظر السلاح ومعاقبة قادته.. بل هناك من دعا لضرب السودان عسكرياً والتدخل الأممي بموجب الفصل السابع.. كيف يصبح هؤلاء وزراء حماة للوطن مدافعين عن ترابه؟؟
ومن سلبيات التجربة الحالية محاولات البعض اغتيال شخصيات المنافسين واتهامهم بالباطل مثل الاتهامات التي طالت أحد المرشحين من أبناء دارفور وأستاذة جامعة نيالا بالانتماء للمؤتمر الوطني والشعبي!! لإضعاف حظوظه في تقلد منصب عضو مجلس السيادة، وبالأمس روجت بعض المواقع الاسفيرية مزاعم تنال من شخصية الصحفية (درة قمبو) من أجل إبعادها من المنافسة لمنصب الأمين العام لمجلس الإعلام. و(درة قمبو) شخصية محترمة نشهد لها بمعارضة النظام السابق لا التعاون معه.. وعندما يصبح اللعب على الأجسام طاغياً.. والعنف ممتداً تسقط كثير من القيم وتسود الانتهازية في الوسط السياسي..
(3)
عندما تقرأ هذا التصريح “مش حتقدر تغمض عينيك” وصفت هيئة علماء السودان النظام البائد بأنه كان سادراً في غيه، مبينة أنه كان يرفع شعارات الحكم الإسلامي ولكنها لم تجد طريقها للتطبيق، وأكدت ـ أي الهيئة ـ أنها لم تدخر وسعاً في إزجاء وبذل النصح له من خلال البيانات ولقاءات الهيئة مع القيادة السياسية في أعلى مستوياتها، ولكن لا حياة لمن تنادي, وقال البروفيسور محمد عثمان صالح رئيس الهيئة في تصريحات “لسونا” “إن النظام السابق أزاله الله حسب سننه الكونية، مضيفاً أن التغيير سنة الله الماضية في الكون إلى يوم الدين”، نعم حتى أنت يا بروفيسور محمد عثمان صالح”..
لو صدرت مثل هذه التصريحات من د. عبد الحي يوسف أو الشيخ حسن أبوسبيب عليه الرحمة أو الدكتور عبد المحمود أبو إمام هيئة شئون الأنصار لكان مقبولاً وطبيعياً لأن هؤلاء من المعارضين والناصحين لحكومة الإنقاذ، ولكن هيئة علماء السودان التي يطلق عليها تندراً هيئة علماء السلطان لن ترفع صوتها فوق صوت البشير وهي من أفتى بحرمة تقسيم الوطن حينما دعت صحيفة السوداني الدولية لحق تقرير المصير لجنوب السودان وهي من أفتت بأن الانفصال أصلاً في الدين حينما اعترفت الحكومة بحق تقرير المصير، وهي من أفتت بتحليل الربا.. وأصدرت عشرات الفتاوى وفقاً لما يطلبه السلطان، فكيف تصف النظام الذي كانت تزين له الباطل حقاً والحق باطلاً نظير رضاء السلطان عنها أن تأتي بمثل هذا الحديث اليوم؟؟
محمد عثمان صالح لو مشى حافياً حاسر الرأس أمام قوى الحرية والتغيير لن تتركه في موقعه الحالي، وأفضل له أن “يركز” وينتظر ما هو قادم بدلاً من الهرولة التي لن تنجيه ولو تمسح بقبر لينين وأنكر المعلوم من الفرائض والسنن!!