لا يوجد خلاف كبير حول تحفظات الاستاذ محمد عبدالماجد على بعض ما ورد في مقالي بشأن الطريقة الفظة التي تعامل بها المجلس العسكري مع الرحيل الاليم للحاجة هدية واحمد له شهادته في حقي والتي اشار فيها الى التضييق الذي اصابني من النظام السابق خاصة فيما يتعلق بصحيفة الانتباهة التي صودرت مني (حمرة عين) وصحيفة الصيحة التي اضطررت الى بيعها بعد ان تراكمت ديونها وديوني جراء الحصار القاسي الذي مورس علي وعليها.
اهمية شهادة ود عبدالماجد انها شهادة شاهد من اهلها ارد بها على الغاضبين من نقدي للممارسات الاقصائية الظالمة لقوى الحرية والتغيير وللحزب الشيوعي الذي لا خلاف على أنه اهم فصائلها فمن يتصدى لاخطاء وخطايا النظام السابق الذي تربطه برئيسه صلة قربى يعلمها راعي الضان في البوادي لا ينبغي ان ينكر عليه تصديه لظلمة واقصائيي العهد الجديد سواء كانوا عسكريين او مدنيين وهل مهمة الصحافة التلميع (وتكسير الثلج) لولاة الامر ام التنبيه والتحذير من المزالق والاخطاء بغية تجنبها وتصحيح المسار ؟
اقول ذلك لسفهاء الاسافير الذين اعتبرونا ثورة مضادة جراء بصر كليل لا يفرق بين قحت والثورة ..ذلك ان الثورة باب للامل إذ ينبغي لناشطيها ان يفتحوه نحو تحقيق الاهداف التي تسع تطلعات الجميع بينما قحت مجرد ناشط سياسي لا ينظر الا من ثقب نفسه الامارة التي تعلي مصالحها على مصالح الجميع مما اتضح جليا من خلال سلوكها الاناني الذي اخشى من تداعياته الخطيرة على هذه البلاد المأزومة سيما وان من سوء حظ السودان ان يتقدم لقيادة الحراك الثوري اولياء الشيطان من الشيوعيين ومغفليهم النافعين!
فيما يتعلق باعتراض محمد عبدالماجد على حق الرئيس السابق في مواراة والدته الثرى او زيارتها وهي في العناية المكثفة او وهي تحتضر قبل ان تسلم الروح الى بارئها اود أن أذكر بدور الصحافة والاعلام في اعلاء القيم والتقاليد السودانية السمحاء وفي الدعوة الى التحلي بمكارم الاخلاق التي اشتهر بها الشعب السوداني بين شعوب الدنيا التي شهدت للمواطن السوداني بتفرد في الخصائص والطباع لا يوجد له مثيل ولا ارى سببا للتذرع بمعاملة قاسية حدثت لمعارضين خلال العهد الماضي ذلك ان السلوك السيء من السابقين لا يبرر تكراره في ثورة ما انفجرت الا رفضا لممارسات خاطئة رفعت الشعارات من اجل تصحيحها .
إن كنت في مقالي السابق قد اعترضت على بعض التصرفات اللئيمة المتعلقة بوفاة الحاجة هدية فاني اتخذت الامام الصادق المهدي مثالا للقيم والمثل العليا التي تعبر عن الشخصية السودانية المتسامحة فقد ادى واجب العزاء متمثلا الروح التي ظل ينثرها بسلوكه الكريم الذي كثيرا ما يعبر عنه ببيت الشعر الرائع :
إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها
تذكرت القربى ففاضت دموعها
ذلك ان الامام الصادق تسامى على جراحه وعلى انه كان رئيسا للوزراء الذي انقلب عليه الرئيس السابق وبالرغم من ذلك تذكر القربى ففاضت دموعه على حاجة هدية!
نعم ، بلادنا يا محمد عبدالماجد في حاجة الى رتق فتوقها والى اعلاء تلك التقاليد السودانية الكريمة التي هي في الاصل قيم اسلامية تقوم على هدي دين قال رسوله الكريم لخصومه الذين لطالما آذوه واصحابه حتى اضطروه الى الهجرة من موطنه (مكة) ، قال لهم بعد أن تمكن من رقابهم : (اذهبوا فانتم الطلقاء).
على ان اكثر ما دعاني الى التعقيب على المقال نسيان ود عبدالماجد المرحومة حاجة هدية التي لا دخل لها في الصراع السياسي لتعاقب بحرمانها من ابنيها البارين عمر وعبدالـله سواء وهي مريضة في المستشفى تسال عنهما ولا تجد اجابة او وهي تحتضر وتعاني من سكرات الموت او وهي تقبر ولا تجدهما ليضعا رأسها على مرقده وليدعوا لها بالرحمة.
نحتاج يا ود عبدالماجد الى شيء من الرفق والى اعلاء قيم التعافي والتصافي فوالـله إني لا اخشى على هذه البلاد الا من احقاد عظيمة تعتمل في نفوس كثير من ابنائها تغذيها شعارات عنصرية عمياء اسأل الـله الا تحيل بلادنا الى خراب ودمار وموت زؤام.