رد محتجون في العاصمة الخرطوم على تقرير لجنة التحقيق بفض اعتصام القيادة العامة بالخروج الى شوارع الولاية بمدنها الثلاث وقاموا بقطع الطرقات واحراق اطارات السيارات واعادة الحواجز (المتاريس ) بشوارع رئيسية واستمرت الاحتجاجات الى ساعات متأخرة من مساء امس السبت .
وأغلق عدد كبير من المواطنين الشوارع وأشعلوا إطارات السيارات رفضاً لتقرير لجنة التحقيق التابعة للنائب العام التي وصفوها بانها جاءت مخيبة للآمال.
وطالب المحتجون بتحقيق شفاف عبر لجنة مستقلة بمشاركة دولية، وقد تصاعدت أعمدة الدخان في سماء الخرطوم بمدنها الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان، حيث تصدت قوات الشرطة للمتظاهرين واطلقت الغاز المسيل للدموع .
وأطلقت القوات النظامية عصر ومساء السبت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في مناطق متفرقة من أحياء العاصمة الخرطوم، فما أصيب العشرات في محاولة القوات النظامية فض التظاهرات.
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم، مساء السبت تظاهرات ليلية، امتدت إلى مدينتي كوستي (جنوب) وبورتسودان (شرق)، رفضاً لنتائج لجنة التحقيق التابعة للنيابة العامة بشأن فض اعتصام القيادة بالخرطوم في 3 يونيو/ حزيران الماضي.
وأفاد شهود عيان وفق وكالة الاناضول في أحاديث منفصلة، بأن عشرات المحتجين أشعلوا إطارات في عدد من أحياء العاصمة منها “أركويت” و”الجريف غرب” و”الحلفايا” و”الديم” و”الشجرة”، و”الخرطوم ثلاثة” و”كوبر” و”الفتيحاب” و”ودنوباوي” و”العباسية” ومنطقة “الجيلي” شمالي الخرطوم.
وأغلق المحتجون شوارع رئيسية وفرعية بالخرطوم عبر متاريس أقاموها بالحجارة، بحسب المصدر ذاته.
وظهر السبت قالت النيابة العامة، إن 9 ضباط كبار يواجهون إجراءات قانونية، لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في عملية فض اعتصام الخرطوم، قبل نحو شهرين.
وتفصيلا أعلن رئيس لجنة التحقيق فتح الرحمن سعيد أن عدد المقتولين في الفترة من 3 وحتى 6 يونيو بالخرطوم بلغ (87) فرداً، منهم 17 قتلوا داخل ساحة الاعتصام، وتبين للجنة أن جميع الوفيات اتخذت بشأنها إجراءات قانونية في عدد من أقسام الشرطة. وقال إن عدد الجرحى والمصابين بلغ (168) مصاباً، منهم (105) تعرضوا لإصابات وجروح قطعية، وأضاف أن عدد الجرحى في ساحة الاعتصام وصل 63 مصاباً. وتابع سعيد أن لجنة التحقيق استوثقت من أن القرار الصادر من اللجنة الأمنية التي تتعلق بنظافة منطقة كولومبيا فقط، وأن المجلس العسكري لم يصدر أي قرار بفض الاعتصام.
ونفت النيابة العامة حدوث حالات اغتصاب ولا حرق لأفراد داخل ساحة الاعتصام، لكن تحقيق أجرته صحيفة الغارديان كشف أن حالات الإغتصاب فاقت السبعين حالة وإن حالة القتل وصلت إلى نحو (130) وعشرات المفقودين. وذكرت اللجنة أن الجثتين اللتين وجدتا طافيتين من النيل في منطقة الحلفايا وعليهما آثار رصاص لا علاقة لهما بمنطقة الاعتصام، وبرأت لجنة التحقيق المجلس العسكري الانتقالي وجهاز الأمن والمخابرات الوطني من تهمة المشاركة في فض اعتصام ميدان القيادة، وأكدت اللجنة أن القرار الصادر من المجلس تعلق بتنظيف منطقة كولومبيا فقط، بعد أن تحولت إلى مهدد أمني.
وقالت اللجنة أن شخصين ملثمين كانا يطلقان أعيرة نارية مع ثلاثة آخرين من أعلى هيكل مدينة البشير الطبية المواجهة لساحة الاعتصام، وأشارت اللجنة إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد من ثبت تورطهم في أحداث فض الاعتصام ووجهت الإتهام تحت طائلة المادة 186 (الجرائم ضد الإنسانية) إلى عدد من الضباط. وذكرت اللجنة أن التحريات ستستمر لتشمل كل من تتوافر في مواجهتهم بينات تؤدي إلى اتهامهم، كذلك خاطبت النيابة المجلس العسكري وطلبت منه مدها بالمحضر الخاص بالتحقيق، الذي أمر بإجرائه حول واقعة فض الاعتصام، فيما رفض رئيس اللجنة تلقي أي أسئلة من الصحفيين حتى لا يؤثر على سير التحقيق.
أشار سعيد إلى أنه “استغل بعض المتفلتين هذا التجمع وكونوا تجمعا آخر وذلك بما يعرف بمنطقة كولومبيا وتمت فيه ممارسات سالبة وغير قانونية… أصبح مهددا أمنيا مما اضطر السلطات إلى اتخاذ الترتيبات اللازمة لتنظيف هذه المنطقة”.
وأضاف أن بعض الجنود الذي تلقوا أوامر “بتنظيف” منطقة كولومبيا، تجاوزوا تلك الأوامر واقتحموا ساحة الاعتصام وفتحوا النار بصورة عشوائية على المعتصمين.
وكشف سعيد عن تورط ضباط في قوات الدعم السريع عرف عنهم بالأحرف الأولى من أسمائهم في مهاجمة المعتصمين.
وقال إن “ضابطا برتبة لواء ’أ س أ‘ أصدر أمرا للعقيد ’ع ع م‘ بتحريك قوة مكافحة الشغب التابعة لقوات الدعم السريع ولم يكونوا ضمن القادة لمنفذين نظافة منطقة كولومبيا ولم تكن لديهما أي تعليمات أو أوامر بالمشاركة في خطة نظافة المنطقة”.
كما أشار إلى أن “النقيب ’ح ب ع‘ من قوات مكافحة الشغب التابعة لقوات الدعم السريع والذي حضر للمشاركة في عملية نظافة كولومبيا دخل منطقة الاعتصام” لتفريق المحتجين برغم عدم صدور الأوامر له للقيام بذلك.
وأوضح “تبين أن بعض القوات المشتركة (في عملية كولومبيا) من قوات مكافحة الشغب وقوات الحماية وقوات التأمين، دخل بعض أفرادها وتجاوزوا مهامهم بدخول ساحة الاعتصام”.
وتابع “قامت القوات بإزالة المتاريس وضرب الغاز المسيل للدموع والإطلاق الكثيف والعشوائي للأعيرة النارية ما أدى لإصابة بعض المعتصمين وسقوط قتلى وجرحى وحرق بعض الخيام وإتلاف بعض الممتلكات”.
ونصت الوثيقة السياسية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في 17 يوليو الجاري في الفقرة 18 على (بعد تكوين الحكومة، تشكل لجنة التحقيق وطنية مستقلة لإجراء تحقيق شفاف ودقيق في الأحداث الدامية والمؤسفة والجرائم التي ارتكبت في الثالث من يونيو الماضي وغيرها من الأحداث والوقائع التي حدثت فيها إنتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين مدنيين كانوا أم عسكريين. ويجوز للجنة أن تطلب أي دعم أفريقي إذا إقتضت الحاجة ذلك. وكان الطرفان إتفقا على تشكيل لجنة افريقية للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت أثناء فض الإعتصام.
وفي سياق متصل , كشف تجمع المهنيين السودانيين عن رأيه في تقرير اللجنة المخولة بالتحقيق في حادثة فض اعتصام الخرطوم.
قال المتحدث الرسمي باسم التجمع، إسماعيل التاج، إن لجنة التحقيق لم تتوصل لمصير عشرات المفقودين، مشيرا إلى رفضهم ما جاء في تقريرها.
وذكر أن الإحصائيات الواردة في التقرير غير دقيقة، ولا تعكس مشهد فض اعتصام الخرطوم.
وأوضح التاج أنه لم يتم التعرف على جميع من ارتكب هذه الجريمة، في حين تم الاكتفاء بالإشارة لعدد من الضباط المحدودين.
وأشار إلى أن مثل هذه المجازر تحتاج إلى خطط، ولا يمكن أن تقتصر المسألة على عدة ضباط، وهو الأمر الذي يقدح فيما توصل إليه التقرير، لافتا إلى أن الأخير لم يتطرق للمفقودين، رغم أن لجنة الأطباء النفسيين أفادت بأنهم يصلون إلى 38 على الاقل.
وتابع: «عندما قلنا إننا لن نوافق على هذه اللجنة لم يكن ذلك من فراغ، لأننا نعلم أن أجهزة العدل في السودان ما زالت تحت سيطرة المؤتمر الوطني».
وكان رئيس لجنة التحقيق السودانية، قال اليوم السبت، إن 87 شخصا قتلوا وأصيب 168 آخرون في الثالث من يونيو / حزيران عندما فضت قوات الأمن اعتصاما للمحتجين.