* صاحب الصورة أعلاه هو الأستاذ أحمد ربيع، مُربِّي الأجيال، ومعلم مادتي الرياضيات والفيزياء في المرحلة الثانوية بإحدى مدارس محلية جبل أولياء بولاية الخرطوم، وعضو لجنة المعلمين في تجمع المهنيين، الذي نال شرف التوقيع بالإنابة عن قوى الحرية والتغيير على وثيقة الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري، ليدخل بها التاريخ من أوسع أبوابه، وتستحق الجهة التي فوضته تقريظاً مستحقاً، وثناءً عاطراً، بلفتةٍ بارعةٍ، تحمل مدلولاتٍ عميقةً، لا تُخفى على أحد.
* لا مستقبل بلا تعليم.
* نهضة الدول تقوم على العناية بالأجيال الناشئة، وتستند إلى الاهتمام ببناء نظام تعليمي متميز لهم، وبحض المواطنين على إرسال أطفالهم إلى المدارس، كي يكتسبوا فيها علماً نافعاً، يساعدهم على تأهيل أنفسهم وبناء أوطانهم، وخدمة شعوبهم.
* عندما رأيت صورته وهو يصافح حميدتي رددت في سرِّي قصيدة الشاعر أحمد شوقي الشهيرة: (قُم للمعلم وفّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولاً).
* صدق أمير الشعراء حين امتدح المعلم قائلاً: (أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي، يبني وينشئُ أنفساً وعقولا.. سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معلّمٍ، علَّمتَ بالقلمِ القرونَ الأولى.. أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماته، وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا.. وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ تـارةً، صديء الحديدِ وتارةً مصقولا.. أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشداً، وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا.. وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّداً.. فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا).
* هو مجرد توقيع بالأحرف الأولى في ظاهره، لكن باطنه يحمل مدلولاتٍ في غاية الأهمية، تومئ بها قوى الحرية والتغيير إلى أنها عازمة على العناية بالتعليم، وراغبة في إصلاح شأنه، ومعالجة عيوبه، واستكمال نواقصه، وتطوير مناهجه، وتحسين بيئته، وعامدة إلى العناية بالمعلمين، الذين يعانون الأمرَّين من ضعف المخصصات، وهزال المرتبات، وغياب المعينات اللازمة لتوصيل الرسالة النبيلة.
* نُقِر بأن سلطة الإنقاذ اهتمت بالتعليم، وزادت عدد المدارس والجامعات، لكن اهتمامها انصب على الكم لا الكيف.
* أقرت في بواكير عهدها (ثورة التعليم)، فزادت عدد التلاميذ، وضاعفت أعداد الجامعات، حتى انتشرت في كل الولايات، لكن مستوى التعليم انحدر وتراجع، تبعاً لضعف العناية بالمعلم، الذي يمثل عماد العملية التربوية، وأساسها الأمتن.
*افتقرت المدارس والجامعات إلى أبسط معينات العمل، من إجلاسٍ وكُتب ومكتبات ومعامل، فانعكس ذلك سلباً على مستوى الطلاب حتى في عاصمة البلاد، فشاهدنا خريجين يكاد بعضهم لا يحسن فك الخط، ومدارس يجلس تلاميذها على الأرض، ويتقاسمون الكُتب، وجامعاتٍ تخرِّج عشرات الآلاف كل عامٍ من دون أن يتم استيعابهم في وظائف توفر لهم سبل العيش الكريم، وتمكنهم من العمل على تطوير بلدهم وأمتهم.
* توقيع الأستاذ الجليل أحمد ربيع على وثيقة الاتفاق السياسي يُمثِّل بشارة خيرٍ لعهدٍ قادمٍ، يستند إلى الاهتمام بالعملية التربوية، والسعي إلى إصلاح شأن التعليم، كما يحمل تكريماً مستحقاً لفئة مهمة في المجتمع السوداني، الذي درج على توقير المعلم، واحترام رسالته، وإيلائها ما تستحقه من عناية.
* سعدنا بالتوقيع، وفرحنا مع ملايين السودانيين ببوادر الاتفاق، الذي نتمنى له أن يكتمل مساء الغد، كي نحتفل بانتهاء الأزمة، وندخل عهد الدولة بعد أن أمضينا شهوراً طويلةً في خضم أعظم ثورة، لكن الفرحة الخاصة تجلَّت في منح أحد المعلمين شرف وضع توقيعه الطاهر على الاتفاق المفرح.
* التحية للأستاذ أحمد ربيع وكل معلمي بلادي الشرفاء على دورهم الرسالي، وليسمح لي قرائي الأعزاء بأن أخص من تعلمت على أياديهم الطاهرة حروفاً تعينني على رد الجميل لهم، لأنهم يستحقون العناية والتوقير والمحبة والاحتفاء.