صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المسحلب وديجانقو والمجلس العسكري

14

بشفافية

حيدر المكاشفي

المسحلب وديجانقو والمجلس العسكري

كلام المجلس العسكري الذي دأب على ترديده بتواتر هذه الأيام بعدم اعترافه بمن جادلهم وفاوضهم وحاورهم وجلس إليهم كثيراً من ممثلي قوى إعلان الحرية والتغيير وتوصله معهم إلى اتفاق مشهود ومعلن ومذاع ومنشور على رؤوس الأشهاد، ثم نكوصه وتراجعه ولحسه لهذا الاتفاق الذي أقره بكامل قواه العقلية وحالته المعتبرة شرعا، إذ لا يعقل أن يكون هؤلاء الجنرالات قد توصلوا لهذا الاتفاق مكرهين ومجبرين وأقروه تحت الضغط والتعذيب الذي مارسه عليهم جهاز الأمن على طريقته المعروفة في انتزاع الاعترافات تحت الإكراه، أقول إن هذه (المجمجة) من المجلس العسكري تذكرني بحكاية المسحلب والكباية، قيل أن مُسحلباً دخل السوق لشراء طقم كبابي، ووقف أمام أحد الباعة ونظر إلى (كبابيه) المعروضة فوجد أنها موضوعة (بالقلبة) عاليها أسفلها، فهاج وماج في البائع قائلاً له: (الله عاوز تبيع لينا كباية مقفولة بي فوق)، وبفطرته وخبرته أدرك البائع (سحلبة) هذا الزبون، وبكل بساطة وبرود ودون أن يرد عليه بكلمة استعدل وضع الكبابي، ولكن هذا الوضع أيضاً لم يعجب المسحلب، فصاح فيه (وكمان مقدودة بي تحت)، وبالطبع لم يدخل الشاري في أية مفاوضات حول السعر ولم يشترِ شيئاً.. والسؤال الآن للمجلس العسكري إما هناك قوى ممثلة للثورة والثوار معروفة وموصوفة تم من قبل التفاوض معها ولا بد أن يستمر التفاوض معها الآن أو لا ثورة.. والسلام على من اتبع الثورة والهدى.. كما أن مطالبة المجلس الأخيرة بمنحه نصف مقاعد السيادي والتشريعي النص بالنص، تذكرني بحكاية بطل أفلام الكاوبوي الأمريكية ديجانقو، ففي أحد أفلام ديجانقو يجعله المخرج يداهم شخصا عثر على كنز ثمين فيباغت ديجانقو الرجل من الخلف ويضع المسدس على رأسه ويخاطبه بلهجة آمرة أن يقاسمه الغنيمة قائلا (hi man fifty fifty)، أي أيها الرجل ستقاسمني هذا الكنز النص بالنص والا سأطيح برأسك، وما أشبه مقولة الكاوبوي ديجانقو بمقولة الجنرال ياسر العطا.. ومن مجمل المراوغات والتملصات التي لجأ المجلس العسكري لاتخاذها منهجا له، يبدو واضحا أنه يريد التلاعب بالثورة بأن يجعل الثوار يمسكون (ضنب الككّو)، فإذا قال لك أحدهم (مسكوك ضنب الككّو)؛ فذلك يعني أن من جعلك تمسك ذيل القرد قد نجح في إلهائك بشيء لا فائدة فيه ولا تستطيع السيطرة عليه تماماً كما لا تستطيع أن تفلته من يدك وإنما ستظل هكذا ممسكاً به تدور مع (الككّو) أينما دار. فتبقى محلك سر تمارس الدوران داخل حلقة دائرية مفرغة لن تورثك غير (الدوشة ولفة الراس)، ولعل هذا هو ما عليه تكتيك المجلس العسكري، يريد أن يمسك الثوار ومفاوضيهم ضنب الككو، ولكن هيهات فهؤلاء الثوار شفاتة وتفتيحة لا يمكن تدقيسهم.. والثورة مستمرة والردة مستحيلة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد