كل الجهات الرسمية بما فيها المجلس العسكري المسؤول الأول عن أمن البلاد الآن، أنكرت مسؤوليتها عن فض اعتصام القيادة العامة الذي راح ضحيته عشرات من شباب الوطن.النائب العام الوليد سيد أحمد، نفى تماماً أن تكون النيابة العامة قد وافقت على فض الاعتصام، مكذباً رواية المجلس العسكري وهو يؤكد أن اجتماعه مع العسكري لم يتطرق مطلقاً لهذه العملية أو طلب الموافقة عليها.أيضاً جاءت رواية السلطة القضائية مطابقة للنيابة العامة، وذلك من خلال بيان رئيس القضاء الذي أكد أن اجتماعهم بوزارة الدفاع في (٢٥ مايو) لم يُشر إلى فض اعتصام القيادة وأن نائب رئيس المجلس العسكري ذكر حرفياً أنهم بصدد إخلاء (كولمبيا) وفقاً للقانون.المجلس العسكري نفسه تبرأ من الفعل الشنيع وتنصل عن المسؤولية، ونفى أن يكون أصدر توجيهات بفض الاعتصام، ورمى باللوم على مجموعة من الضباط، قال إنهم لم يكونوا ضمن القوة المكلفة بحراسة منطقة الاعتصام.إذا كان ذلك كذلك، فهذا يؤكد مسؤولية المجلس العسكري وحده وليس أية جهة أخرى عن فض الاعتصام بتلك الطريقة التي خلفت غبناً وسط المجتمع السوداني لن تنتهي تأثيراته بسهولة – من المهم كشف التفاصيل للرأي العام وليس من الحكمة إخفاء أي جزء من نتائج التحقيق مهما كانت.. ضلوع ضباط في تلك العملية دون تعليمات مثير للشكوك في مؤسسة عسكرية منضبطة كما هو معروف عن الجيش السوداني.. الـلهم إلا إذا كانت هنالك مجموعات غير معروفة تدين بالولاء للنظام السابق أو أنها جزء من كتائب الظل.. وهذا أمر لا يمكن تصديقه.. خاصة أن القوات المسلحة السودانية بكافة كتائبها ووحداتها أعلنت منذ البداية وقوفها مع الشعب ضد الرئيس المخلوع رغم انتمائه للمؤسسة العسكرية.حالة الاحتقان العام تتطلب الشجاعة وتحديد المسؤولية بمنتهى الشفافية.. ومن ثم إجراء محاكمات تطال أي شخص وجه أو شارك في فض الاعتصام.. ومعرفة الضالعين في هذه العملية ليست مستحيلة ويمكن الوصول للمشاركين فرداً فرداً دون أي عناء..الإسراع في كشف هوية المسؤولين عن فض الاعتصام تمثل جزءاً مهماً ومطلوباً لتسهيل العملية السياسية وإزالة العثرات التي تواجه سير التفاوض.. وإن كانت قوى الحرية والتغيير نفسها تتحمل جزءاً من مسؤولية تعثر المفاوضات برفع سقف مطالبها، مما أدى إلى تهييج الشارع ومواصلة الاعتصام إلى أن حدثت الكارثة..لو أن قوى الحرية والتغيير شكلت الحكومة المدنية من أول يوم وواصلت مسيرة الضغط فيما يختص بنقاط الخلاف على تشكيل المجلس السيادي، لما كانت قد وصلت الأمور إلى طريق مسدود، ولكانت الخسائر في الأرواح أقل مما حدث.رحم الـله شهداء بلادنا الأطهار.