. لا ألوم حميدتي في مساعيه بقدر ما أكاد أتقيأ من مواقف بعض أشباه الرجال في سوداننا الحبيب.
. من أسماهم حميدتي إدارات أهلية ليسوا أكثر من شوية أرزقية و(ذكور) ورجرجة ودهماء لا يطمحون في أكثر من الكسب الحرام.
ولو كانوا رجالاً بحق، وأصحاب حكمة تمكنهم من أن يكونوا إدارات أهلية لما صافحوا أياً من أعضاء المجلس العسكري الذي قتل وضرب وأذل خيرة شبابنا.
. ولو كانوا رجالاً بحق لوقفوا مع أبناء شعبهم حتى وإن اختلفت الرؤى من أجل محاسبة القتلة قبل كل شي.
. لكن ولأنهم لا رجال ولا بشر أسوياء رأيناهم يتراقصون ويعرضون ويطربون رغم المأساة غير المسبوقة التي انفطرت لها قلوب المخلصين والأسوياء.
. هؤلاء أكدوا على دقة المثل القائل ( عدو عاقل خير من صديق جاهل).
. فمن يهتف ” عسكرية.. عسكرية” يؤكد بدون قصد على أن المجلس العسكري متشبث بالسلطة بكل قوة.
. ومن يكبر ويرفع شعارات دينية في لحظات تحويل حميدتي للأمثال إلى قرآن كريم يؤكد دون قصد أنه قبض ثمن (لعلعته) الفارغة.
. ليس كل من لبس جلباباً وعمامة ناصعة البياض إدارة أهلية يا حميدتي.
. وحتى إن سلمنا بأنهم إدارات أهلية كاملة الدسم فلابد أن نسألك ونسألهم: أين كنتم طوال السنوات الماضية التي صدمت فيها جرائم المليشيات كل صاحب ضمير حي.
. أين كنتم حين علا صوت الرصاص ليهلك الملايين من أبناء وطنكم؟
. وأين كنتم طوال ستة أشهر إمتلات فيها شوارع المدن والقرى بالكنداكات والأسود البواسل الذين خرجوا بصدورهم العارية في مواجهة آلة البطش رفضاً للظلم والغطرسة والفساد؟
. ألم تكونوا حتى الأمس القريب ضمن تنابلة السلطان تمصون دم هذا الشعب الغلبان وتتكسبون على حسابه؟
. الكل داخل وخارج السودان يعرفون أنكم لا تمثلون إلا أنفسكم الدنيئة الرخيصة.
. وإن كانوا غير ذلك أدعوهم يا حميدتي لأن يمنعوا الشعب عن الخروج في التظاهرات دون أن تلجأ لآلتك الفتاكة حتى نصدق أنهم يملكون حق تفويض مجلسكم القاتل.
. إنه لأمر مؤسف أن يضم السودان الجميل كما عكسه اعتصام القيادة هذه الفئة الضالة.
. لكن موقفهم الخائب يؤكد على ضرورة استمرار الثورة حتى ينظف السودان من مثل هذه الأوساخ التي علقت به خلال الثلاثين عاماً الماضية.
. فأمثالهم يحتاجون لثورة الوعي التي بدأت في التشكل ليعينهم أنقياء هذا البلد في أن يعودوا بشراً كما خلقهم رب العباد.
. وحتى ذلك الحين ثق يا حميدتي أن إداراتنا الأهلية ماتت، بل شبعت موتاً منذ زمن بعيد.
. ولا تتوهم أنك يمكن أن تحكمنا بتفويض مضروب، فقد مضى زمن الأوهام والتضليل والتغبيش.
. لن يقبل حتى أطفالنا الذين غنوا ” قوة البشير قوة فاسدة” بأن تحكمهم قوة أفسد من تلك التي مضت.
. فعودوا إلى رشدكم يا خيالات المآتة، وإلا فسوف يعتبركم الشعب شركاء أصيلين في الجريمة.