إليكم
الطاهر ساتي
المتشاكسون!!..
:: تعليق العصيان المدني وعدم التصعيد مقابل إطلاق سراح السجناء واستئناف المفاوضات من (حيث توقفت).. فالسادة بالمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير يهيئون المناخ للعودة إلى طاولة المفاوضات بتلك الالتزامات.. لم يلتزموا طوعاً واختيارا، ولم يوافقوا على العودة إلى المفاوضات بإرادة وطنية.. ولكنهم التزموا بالتهدئة ثم بالعودة إلى المفاوضات بعد تدخل إفريقي بقيادة إثيوبيا، وآخر دولي بقيادة أمريكا التي وصل مبعوثها إلى الخرطوم!!
:: وعليه، لا جديد.. والجنون هو أن تفعل الشيء مرة تلو أخرى ثم تتوقع نتائج مختلفة.. ومنذ استقلال بلادنا، وحتى ضحى الأزمة هذه، وكما يوضح الحال العام حاليا، مازلنا نعيد إنتاج الأزمات والكوارث في كل مناحي الحياة العامة.. ورغم تراكم الأزمات، لم تحدث النخب السياسية نفسها بتغيير طرائق تفكيرها بحيث تبتكر وتبادر بفعل أفعال أخرى تأتي بنتائج تختلف عن السابقات.. وهذا ما يصفه أينشتاين بالجنون، وهو – فعلاً – كذلك.
:: وما يحدث بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير – من شد وجذب – يُعيد إلى ذاكرة الناس ما كان يحدث بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في عهد الحكم الثنائي (نيفاشا).. نفس الملامح والشبه، وذات الطباع.. وهذا يعني أن الوطن والمواطن على موعد مع مرحلة تشاكس أخرى، أي كتلك المرحلة التي لم يفعل خلالها الشريكان إلا ما يعكر صفو الوحدة، بحيث كان الانفصال حصاد الشراكة المشاكسة.. لقد أخطأ تجمع المهنيين بالوقوع في أحضان أحزاب الحرية والتغيير، إذ كان عليه أن ينفرد بالتفاوض مع المجلس العسكري ثم تشكيل الحكومة الانتقالية..!!
:: وكثيراً ما نصحنا السادة بقوى الحرية والتغيير بضرورة احتواء المجلس العسكري، بحيث يكون شريكا مثالياً في المرحلة الانتقالية، وحاميا للنظام القادم من مخاطر الثورة المضادة و(الانقلابات)، ولكنهم لا يستمعون لصوت العقل، بل يعشقون التهريج.. فالمجلس العسكري يمثل المؤسسات العسكرية التي ساهمت في نجاح الثورة والتغيير، وكذلك يمثل المؤسسات العسكرية التي تقع عليها مسؤولية حماية الحريات والديمقراطية.. وليس من الذكاء السياسي تأليب الرأي العام على شركاء الثورة والتغيير وحماة الديمقراطية.
:: ولكن زعماء قوى الحرية والتغيير لم يستبينوا النصح حتى نفد صبر الجيش ثم باغتهم المجلس العسكري بفض الاعتصام ثم إيقاف المفاوضات وإلغاء ما تم الاتفاق عليه.. ولولا الوسطاء لأعلن المجلس العسكري (حكومته المدنية).. والمهم، سوف يتواصل الضرب تحت الحزام حتى بعد العودة إلى المفاوضات، وما بعد الاتفاق أيضاً.. نعم، آجلا أو عاجلا، سوف يتم الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على تشكيل (حكومة شريكين أخرى)، أي كتلك التي كانت بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.
:: ولكن المؤسف، لن يتوقف الضرب تحت الحزام بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير حتى وهما على (سدة السلطة)، أي كما كان يحدث بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. لن يتوقف الضرب تحت الحزام بينهما، ليدفع المواطن ثمن شراكتهما.. فالكل تمناها شراكة مثالية تقود البلاد إلى مرحلة الحرية والسلام والعدالة.. ولكن للأسف، من وحي ما يحدث حاليا، فإن الشراكة بين المجلس العسكري وقوى الحرية لن تكون مثالية حتى ولو تنازل أي طرف للآخر عن كل مقاعد المجلس السيادي.