. رمتني صدفة سيئة لسماع حوار مذيعة بقناة الحدث مع مدير عمليات الجنجويد.
. طبعاً لم تسمه القناة المضللة هكذا بل عرفوه ب ( اللواء عثمان حامد، مدير العمليات بالدعم السريع).
. بدا واضحاً من الحوار (المؤلم) أنه محاولة لتحسين صورة هذه العصابة الإرهابية المتفلتة التي قتلت المعتصمين مشاركة مع شقيقاتها اللاتي صرن أدنى منها أخلاقاً، قوة واحتراماً.
. طريقة طرح الأسئلة والإجابات عكست بجلاء عدم مهنية القناة واحتقارها لمهنة الإعلام.
. للمرة المليون أكد القائمون على أمر قناة الحدث أنهم غير معنيين بشعب يفترض أنه شقيق، ولا تهمهم حياته أو سعادته.
. وقد بلغ بي الإشمئزاز والقرف من المذيعة والقناة ومن يقفون ورائها حداً بعيداً حين سمعت سؤالاً حول الجنجويد بطريقة تؤكد أن كل شيء قد تم الاتفاق عليه مسبقاً بين القناة والضيف.
. فالسؤال جاء بعد أن تحدث مدير عمليات الجنجويد بإسهاب حول (الدعم السريع) وصورها كقوات نظامية منضبطة تعمل بتوافق تام مع القوات المسلحة وتحظى بكامل رضاء الشعب السوداني.
. وحين طرحت المذيعة سؤالها المقصود عن الجنجويد، ردد الضيف المفردة (الجنجويد)، قبل أن يعتدل في جلسته، مضيفاً أن هذه المجموعة المتفلتة قد انتهت تماماً في السودان بفضل الجهود المشتركة للدعم السريع والقوات المسلحة.
. وهنا نود تذكير قناة الحدث بأنه لا توجد قوة في الأرض تستطيع خداع العالم بمثل هذا الكذب المفضوح.
. فعصابات الجنجويد المتفلتة هي ذات القوات المسماة (دلعاً) الدعم السريع.
. وهي ذات العصابات التي أسهمت بشكل فاعل في قتل المعتصمين أمام قيادة الجيش في التاسع والعشرين من رمضان.
. وهي نفس العصابات الاجرامية التي ما زالت تمارس القتل والترويع في شوارع عاصمتنا حتى هذا اليوم.
. من المضحك جداً أن يحدثنا اللواء عثمان عن تسكيل لجنة للتحقيق حول المجزرة، ويؤكد أن من قاموا بها سيخضعون للمحاسبة.
. ولو كنت مكان المذيعة لسألته ( هل تمت محاسبة من قتلوا الأبرياء في الثامن من رمضان) بعد أن تشكلت لجنة شبيهة منذ ذلك اليوم؟
. كما استفزني جداً قول الضيف أنه نشأ وترعرع في القوات المسلحة السودانية ولذلك ينفي نفياً قاطعاً وجود أي خلافات بين قواته والقوات المسلحة.
. ومرة أخرى لو كنت مكان المذيعة لسألته ( أيعقل أن تكون قد نشأت وترعرت في القوات المسلحة السودانية لتصل رتبة اللواء وأنت في هذه السن الصغيرة)؟
. لكن لم يكن بمقدورها أن تطرح هكذا أسئلة لأن القصة ما قصة إعلام واحترافية ومهنية، بل هي قصة أجندة يفترض أصحابها أنها واجبة التنفيذ حتى وإن أدى ذلك لإبادة الشعب السوداني عن بكرة أبيه.
. لكن هيهات.
. المثير للسخرية أيضاً تأكيد اللواء حامد بأن الحياة تسير بشكل طبيعي في البلد وليس هناك أي أثر للعصيان المدني.
. بالطبع كان من الممكن وسؤاله عما يجعل مجلس القتلة يصر على قطع خدمة الانترنت في البلد طالما أن الحياة تسير بشكل طبيعي، لكن كيف لمذيعة تنفذ أجندة عدوانية وبغيضة لدول أن تفعل ذلك؟