محمد وداعة
الدعم السريع .. فاتت السكرة وجات الفكرة !
بعد تصريحات نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق حميدتي بالإبقاء على الوجود العسكري للقوات السودانية فى اليمن، هدد قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني بقصف شرق البلاد بالصواريخ، وهو حدث أثار اهتمام الرأي العام و قلق المواطنين، خاصة وأن هذه القوات موجودة فى اليمن منذ سنوات، فما الجديد؟ فهل كان ذلك بسبب سطوع نجم حميدتي قائد هذه القوات وتسنمه منصبا رفيعا وضعه فى موضع اتخاذ القرار مباشرة؟
السودانيون لم يعهدوا مشاركة قوات ذات طبيعة خاصة في الانقلابات لأن ذلك يحدث دائما بترتيب و قيادة ضباط من القوات المسلحة، و لأن الاستيلاء على السلطة بخلاف الأخير تم ولم يكن الدعم السريع قد تكون بعد، و ربما جاء علو كعب قوات الدعم السريع لمشاركتها في الاعتقالات خاصة بعد إبطاء و تقييد حركة قوات جهاز الأمن الميدانية، و يقال إن تقاعس الاستخبارات العسكرية عن القيام بأعمال الاعتقال والتفتيش، ربما كان سببا مباشرا في إبعاد الفريق مصطفى، المعروف بانتمائه للحركة الإسلامية من المجلس العسكري مؤخرا.
لم أحس ارتياحا لعدم انزعاج الفريق حميدتي من الكم الهائل للأخبار المتداولة بكثافة عن طموحات قائد الدعم السريع الذى تجاوز ماهو متفق عليه حتى الآن، كونه يقود قوات مثلها مثل القوات البرية أوالبحرية أو الجوية كانت سببا في عضويته في اللجنة الأمنية التي خططت وقادت الانقلاب على الرئيس المخلوع ومن ثم أصبح الفريق حميدتي نائبا لرئيس المجلس العسكري الانتقالي وربما هذا كان بمثابة تقدير إضافي له للإسهام الكبير الذي قامت به قوات الدعم السريع في تأمين المرافق الحيوية والإحاطة بمعسكرات ربما تكون مناوئة أو يحتمل أن تحاول إفشال الانقلاب.
صحيح أن قوات الدعم السريع تابعة للقوات المسلحة حسب قانونها وتخضع وفقا لذلك لسلطة القائد العام ولكنها تاريخيا اكتسبت خصوصية كونها الفرع الوحيد من القوات النظامية التى ارتبطت مباشرة بالرئيس السابق عمر البشير وحتى القريب حميدتي صرح أكثر من مرة أنه لايتلقى الأوامر إلا من البشير شخصيا.
أخبار متداولة عن تدريب طيارين عسكرين وتسريبات عن استلام قوات الدعم السريع لدبابات حديثة، و تدريبات لبعض القوات على أعمال البحرية والحصول على أسلحة مضادة للطائرات (استنقر) والسفن، و انتشار مقاطع مصورة تكشف عن اتجاه الدعم السريع إلى تجنيد عشرات الآلاف من أبناء الشرق والأقاليم الأخرى.
لاشك أن التطور في إمكانيات قوات الدعم السريع يحتاج إلى تفسير من حميدتي شخصيا، لا سيما اقتناء صنوف من الأسلحة الدفاعية والهجومية التي تحتاج إلى قواعد ثابتة ولاتتناسب مع مهام الدعم السريع المعروفة في منع تهريب البشر وحراسة الحدود، وبالطبع هذا الوضع يثير القلق وعما إذا كان حميدتي يخطط لبناء جيش موازٍ؟ ربما فكر حميدتي بهذا فمن يمنعه ومن يستطيع ذلك؟ هل هذه الأسلحة الجديدة ستتبعها أدوار جديدة ومهام جديدة وهل القوات المسلحة راضية عن هذا الوضع ولايزعجها؟
نحن شعب السودان من حقنا أن نطمئن على ولاء هذه القوات للوطن وللشعب، وأن العلاقة بين الدعم السريع والقوات المسلحة ستحكمها المصالح العليا للبلاد، وأن الطموح لن يقود أصحابه إلى أي اختلافات أو اقتتال بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ونريد لهذه القوات أن تنتقل من ولائها لرجل واحد هوالفريق حميدتي إلى الولاء للوطن بكامله، و لسنا نغالي فى ذلك.
بالطبع لسنا ضد وجود قوات الدعم السريع في اليمن في إطار استعادة الشرعية ضمن التحالف العربي وفي إطار قرارات مجلس الأمن، مع تأكيدنا على ضرورة الحل التفاوضي السلمي بين اليمنيين متى ما توفرت ظروف ذلك الحل، ومع ذلك نرى أن هذه المشاركة يجب أن تكون تحت إشراف القوات المسلحة السودانية وبما يؤكد ولاية القائد العام للقوات المسلحة السودانية عليها، وخضوعها لخدمة السياسة الخارجية وتحقيق مصالح السودان الاستراتجية في إطار استراتيجية الأمن القومي السوداني بما فيه أمن البحر الأحمر وتأكيد سلامة الأراضي السودانية من أي عدوان.