> علقت المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، بسبب تباعد مواقف الطرفين بشأن نسب تمثيل المدنيين والعسكريين في المجلس السيادي وتحديد رئاسة المجلس، رغم مضي الحوار بينهما حول هياكل مؤسسات الحكم الانتقالي وصلاحيتها.
> توقف المفاوضات سببها تصلب الطرفين في مواقفهما وعدم تقديم تنازلات إلى منطقة وسطى، ويبدو أن أزمة الثقة حالت دون تحرك الطرفين نحو توافق بشأن تشكيل المجلس السيادي.
> المجلس العسكري يبدو أنه يواجه ضغوطاً من المؤسسة العسكرية المتمسكة برئاسة مجلس السيادة استناداً إلى سابقتي ثورتي أكتوبر 1964م وأبريل 1985م، بجانب الأوضاع الأمنية والعسكرية المحيطة بالسودان والتعقيدات في بعض دول الجوار.
> وفي المقابل تواجه قوى إعلان الحرية والتغيير ضغوطاً من المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للجيش، التي لا ترغب في مشاهدة عسكري جديد في منصب رئيس مجلس السيادة، وساهمت قوى التغيير في التعبئة لذلك واعتبرت الأمر (خطاً أحمر)، ويصعب عليها إقناع المعتصمين بموقف جديد.
في حال تمسك كل طرف بموقفه سيصبح أمام المجلس العسكري ثلاثة خيارات أولها إجراء انتخابات خلال (6) أشهر، أو طلب تفويض من الشعب السوداني عبر التظاهرات والحشود الشعبية لتشكيل حكومة تكنوقراط لعامين، أو استمالة بعض مكونات قوى الحرية والتغيير وإبرام اتفاق معها بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية.
> أما قوى الحرية والتغيير فأمامها خيار واحد هو اللجوء إلى التصعيد والإضراب السياسي والعصيان المدني، رغم أن العصيان سلاح ذو حدين، فعدم نجاحه ستترتب عليه خسارة سياسية كبيرة، خصوصاً أن قوى التغيير تتحدث عن دولة عميقة، فإن كانت هناك دولة عميقة فستحبط أي عصيان، وفي أحسن الأحوال سيحقق نجاحاً جزئياً.
> جميع خيارات الطرفين سيئة، وستزيد المشهد السياسي تعقيداً وتفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية على البلاد، منها مغامرة عسكرية عبر انقلاب يدخل البلاد في نفق مظلم، أو الانزلاق إلى فوضى، وأقلها انقسام واستقطاب سياسي مما يهدد بزعزعة الاستقرار، مما سينعكس سلباً على الأوضاع الأمنية والاقتصادية واستمرار حياة الضنك والخوف من المجهول.
> ينبغي أن يكون أكبر ضغط على المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير هو استمرار حالة السيولة والفراغ، حيث تعيش البلاد لنحو (45) يوماً بلا حكومة، وبات القلق يسيطر على المواطن.
> المجلس العسكري يعتقد أنه قدم تنازلات، حيث اعتبر قوى الحرية هي الممثل الوحيد للحراك الشعبي رغم مشاركة آخرين في الثورة، ومنحها كل مقاعد مجلس الوزراء، وثلثي أعضاء البرلمان وتبنى وثيقتها بشأن مهام المرحلة الانتقالية.
> قوى الحرية تعترف بالمجلس العسكري شريكاً في الثورة بانحياز المؤسسة العسكرية للشعب وحماية المعتصمين، كما ترى أنها حققت أكثر من 90% من مطالبها، وأن مجلس السيادة بعد تحديد صلاحياته بات سلطة رمزية وشرفية، وبالتالي ينبغي أن تقدم من جانبها تنازلاً بقبول رئاسة الجيش للمجلس السيادي، فالشركاء دائماً يقدمون تنازلات متبادلة.. فليستمر الحوار، لأنه لا طريق آمن وقصير غيره.