> ويأتون الآن من كل فجٍ عميق..
> من غياهب الداخل… وفنادق الخارج… وأودية النسيان… وأخبية علماء السلطان..
> كلٌّ يريد أن يقول هأنا ذا… لينال نصيباً من كيكة المرحلة..
> وحتى الذين تذوقوا حلاوة كيكة الإنقاذ ــ باسم الوفاق ــ يطمعون في الكيكة الجديدة..
> أو التي ــ وفقاً لفهمهم السياسي الساذج ــ يظنونها كذلك..
> جيوشٌ من المهرولين تجتاح أرض الثورة؛ وما من (مايك) إلا ويُهرعون نحوه..
> سواء مايكروفونات أجهزة إعلام محلية… أو خارجية..
> فحيثما وُجد مايك ــ وكاميرا ــ فهم (صابنَّها)؛ بحسب مفردات الثوار هذه الأيام..
> وأستاذنا الراحل إدريس حسن حكى لنا هذه الطرفة ذات الصلة..
> قال إن متهافتاً لزجاً على المناصب ــ أيام مايو ــ كان يأتيهم كل صباح في الجريدة..
> إما ليسأل عن تأخر نشر مقالٍ له… محض تلميع للذات..
> أو ليسأل ــ بإشفاق شديد ــ عما إن كانت جهةٌ عليا قد هاتفت الصحيفة بشأنه..
> وحدث الأمر يوماً؛ فقد جاء اتصالٌ من جهة عليا..
> وبعد أيام قليلة كان هذا المهرول ــ الملحاح ــ أحد مكونات الجهة العليا هذه..
> ومنذ ذلكم الحين انقطعت صلة صاحب المقالات بالجريدة..
> والمضحك في الأمر ــ بل المحزن ــ إنه بات ينكر محرري الصحيفة… و يتجاهلهم..
> وطرفة مشابهة ــ بعد ذلك ــ كنت شاهداً عليها..
> وذلك حين قرر فصيل من حزب عتيق الانسلاخ منه والتحالف مع الإنقاذ..
> وأحد إعلاميي الحزب تم إغراؤه بالانسلاخ ــ والتحالف ــ أيضاً..
> فخدم المنشقين هؤلاء بكل ما أُوتي من خبرة السنوات… وطلاوة المفردات..
> ثم صار المسؤول الإعلامي لهم وزيراً للإعلام..
> فجاءه صاحبنا هذا فرحاً يزوره… ويهنئه… ويذكره بعيش وملح أيام الانسلاخ..
> فلما دخل عليه مدير مكتبه بالاسم غمغم: لا أعرفه..
> وتحت عنواننا هذا ذاته كتب نزار قصيدة نقتبس منها هذا المقطع… بعد سودنته:
لم يكن في العُرس رقصٌ سوداني..
أو طعامٌ سوداني..
أو غناءٌ سوداني..
أو حياءٌ سوداني..
فقد غاب عن الزفة أولادُ البلد..
> وأولاد البلد المؤهلون غائبون الآن عن مشهد التهافت الفاضح… منزوع الحياء..
> لا يهرولون إلى القصر… ولا الصحف… ولا الفضائيات..
> ولا يتسولون موطئ طمع في الفترة الانتقالية… رغم إنهم الذين تحتاجهم الفترة..
> ففضلاً عما ذكره حميدتي أمس نضيف فضيلة الزهد..
> وما كان ذكره من صفات المرحلة يتمثل في الكفاءة… والعفة… والحياد السياسي..
> فإن كان يتوافر على كل الصفات هذه إلا إنه يهرول فلا ينفع..
> فهو من الذين ينطبق عليهم قول نبينا الحكيم (إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه)..
> وما أكثر الطالبون المهرولون الآن من كل فجٍّ عميق..
> من غياهب الداخل… وفنادق الخارج… وأودية النسيان… وأخبية علماء السلطان..
> بل ومن النادي الكاثوليكي!!