أمر غريب وعجيب ولا أظنه يحتاج لمحلل سياسي لفك لوغريثماته بقدر ما هو محتاج إلى محلل نفسي يضع النقاط على حروف الازدواجية في المعايير وثورة الشباب المباركة في ديسمبر وأنا أصر على تسميتها ثورة الشباب، لأن وقودها ومحركيها ومصابيها وشهداءها كانوا من الشباب، قامت ولازالت ترفع شعار سلمية سلمية وهو الشعار الذي لم يستفز هؤلاء الشباب لممارسة العنف كرد فعل لمواجهة احتجاجاتهم بالرصاص والبمبان والاعتقال ، وظلت ثورة ترفع أغصان الزيتون حتى تكللت بانحياز القوات المسلحة لها ، وتوجت باقتلاع نظام الإنقاذ العنيد، أقول إن هذه القيمة التاريخية والمشاهد التي لا تتكرر بسهولة تقف متحسرة ومنكسة الرأس أمام ما تمارسه الأحزاب السياسية من مراهقة وعبط وتخبط وتعجل، يجعلها أقل بكثير من الشباب الذين فجروا الثورة وأدوها ليها مقشرة، وما حدث أمس في قاعة الصداقة بين أحزاب الهنا والسرور من عراك بالكراسي، يؤكد أنها حتى اللحظة لم تقدر حجم التضحيات التي دفعها الشعب السوداني حتى يصل إلى هذه المرحلة ، وهو أمر يدعو إلى الدهشة والحسرة، أن هذه الأحزاب لم تستفد من كل التجارب السابقة التي ضيعت من خلالها الفرصة تلو الفرصة ، وأهدرت كل المكاسب التي تحققت في ثورتين عظيمتين وثورة ديسمبر هي ثالثتهما وهاهي للأسف تتسرب من أيدينا بسبب المحاصصة والمحاككة والانتهازية المكررة بالكربون، وكأن هذه البلاد لا تعني لهم شيئاً لا إنسانها ولا أمنها ولا مستقبلها وكأن دماء الشهداء التي أهدرت لم تحرك فيهم صحوة ضمير أو نخوة وطنية، وهم في غيهم يعمهون، لذلك أقول إن ما حدث في قاعة الصداقة من معركة ذات الكراسي هو أول امتحان لهذه الأحزاب في ممارسة الديمقراطية، وفشلت فيه للأسف بدرجة امتياز لتجعل البلد في حالة لا توازن، وبالتالي تصبح كل الاحتمالات مفتوحة لحدوث كارثة لا يعلم مداها إلا الله لذلك أعتقد أن حالة الجدل السياسي التي تدور تفاصيلها هذه الأيام هي حالة جدل عقيمة لا بتودي لا بتجيب لأن منطلقاتها ليست جدية، ولا تحمل أي نوايا لحل الأزمة السودانية التي تتعقد كل صباح، والدليل على ذاك ما يحدث الآن في الشارع السوداني المستاء حد الاستياء، الغاضب حد الغضب من سوء الخدمات، واختلال موازين الخدمات ،والناس تعاني في عيشتها ومعيشتها صباح مساء، بل إن هناك اتجاهاً خطيراً من قبل المواطنين في حل أزماتهم كما حدث أمس وجموع المواطنين تحتل بعض مكاتب الكهرباء احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي، وبكرة يحتج غاضبون على مؤسسات أخرى بطريقتهم في غياب الضبط والربط والنظام، وتكون بداية الفوضى وانعدام هيبة الدولة في وجود اللا دولة.
لذلك أقول إن ما حدث أمس في قاعة الصداقة لا ينبئ عن أي اتفاق محتمل لفرقاء السياسة الذين يختلفون على الكراسي، فجعلوها سلاحهم الذي يتقاتلون عليه ، وغداً أخشى أن يصحو على حقيقة ألا يجدوا وطناً يتقاتلون عليه.
كلمة أعز
أصدر المجلس العسكري أمس مجموعه من القرارات تم من خلالها إعفاء عدد من المسؤولين الذين تمكنوا وتحكروا في مناصب لا يستحقونها ، من هؤلاء رئيس مفوضية حقوق الإنسان زوجة شقيق الرئيس السابق، ولازال هناك الكثيرون الذين يجب إعفاؤهم تصحيحاً للمسار، وتمهيداً لإزالة الدولة العميقة.
كلمة أعز
اللهم احم بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء