حين خذلت أحزاب المعارضة المرحوم وفقيد الوطن وزعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد عليه رحمة الله، وحين نكصت بوعدها معه في حشد مسيرة ضخمة حدد لها الميقات المكاني ميدان ابو جنزير بالخرطوم، عندها وصل الرجل فلم يجد أحداً فحمل قلماً وكتب على ظهر كرتونة فارغة(حضرنا ولم نجدكم) !!
استدعى هذه الحكاية عادةً كلما مررت من أمام موقف أبوجنزير، ولأن أبو جنزير كان يمثل في المظاهرات والاحتجاجات صنواً لميدان (التحرير) في مصر ، حرص النظام السابق على تفتيته لجزئيات وقطع أراضٍ متباعدة فبيع منه ما بيع، ورهن ما رهن، وجزء أصبح باركنج للسيارات وهكذا لم يعد هنالك مكان رمزي للاعتصام والتجمهر.
ومع بداية الحراك الجماهيري والثورة تدق أبواب النظام بقوة انتبهت الأجهزة القمعية لموقع أبوجنزير وخطورته الجغرافية وقيمته الرمزية فحولته بقدرة قادر الى إحدى المعتقلات التي يتم جمع الثوار فيها وتعذيبهم في وضح النهار، المنظر العام كان عبارة عن تاتشرات ودوشكا وبكاسي ورباطة وملثمين وخيمة ضخمة يُجمع فيها المعتقلين ويأمرونهم بالجلوس على الأرض تماماً مثل اللاجئين العابرين للقارات حين توقفهم القوات الحدودية،
ومثلما انتبهت أجهزة الأمن لموقع ابوجنزير، انتبه قادة التغيير الى مكان آخر أكثر جاذبية ولسان حالهم يقول (مش ابوجنزير ده خليناهو ليكم) نحنا ماشين القيادة .
ما أعجبني في الحراك الأخير، أن قادة التغيير هذه المرة لم يغرر بهم كما غرر بنقد لأنهم لم يعتمدوا على المعارضة الهشة الضعيفة الغدارة (الماعندها أمان ولا ضمان)¡ وأنما اعتمدوا على الشباب الصادق، فكانوا على قدر الرهان وكانوا في الموعد في القيادة .
لم يحتج تجمع المهنيين أن يحمل قلماً ويكتب على كرتونة فارغة حضرنا ولم نجدكم ؟
الآن أصبحت القيادة المكان الأنسب للتفاكر في قضايا وهموم الوطن ومعوقات التنمية، والمكان الأفضل للنقاش والصيام والقيام والتراويح والتهجد وإفطار رمضان والسحور وصلاة العيد والسمر والأنس والشعر والغناء والرسم.
عبقرية اختيار القيادة (ميدان تحرير السودان)¡ تمثل الفارق الأهم في كل الأمر .
خارج السور
خم الرماد وين ؟
في القيادة!!