صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الوالي.. لله والتاريخ

11

للعطر افتضاح

د. مزمل أبو القاسم

الوالي.. لله والتاريخ

*لا كبير على المحاسبة في دولة القانون والحقوق المتساوية.
*من ذلك المنظور تلقينا وتقبلنا نبأ اعتقال الأخ جمال الوالي، ونتوسم في الأمر خيراً، ونأمل أن ينتهي توقيفه إلى إعلان براءته، وتأكيد ما عرفناه عنه من أدبٍ وطُهرٍ ونقاء وتدينٍ، لا تخالطه شبهة نفاق.
*شهادتنا في جمال ليست مجروحة، لأنها نابعة من معايشةٍ طويلةٍ، ومعرفةٍ لصيقةٍ، بدأت خارج السودان، عندما التقيته أول مرة بالإمارات في العام 2003، عقب تعيينه رئيساً لنادي المريخ، في أعقاب حادث أم مغد الشهير.
*امتدت العلاقة ستة عشر عاماً، عرفته فيها من كثب، فوجدته متشبعاً بإنسانيةٍ حقَّة.
*كريم السجايا، عالي الهِمَّة، يُقري الضيف، ويغيث الملهوف، ويعالج المرضى، ويمسح دمعة المحروم، وينصف المظلوم، ويطعم الجائع، ويعُول اليتيم، ويجبر الخواطر، ويُشيِّد المساجد والمدارس، وينفق بيمينه ما لا تعلم يساره، ويخالط الناس في أفراحهم وأتراحهم بتواضعٍ معهودٍ فيه، ولا غرابة، فهو من أسرةٍ كريمةٍ، عُرفت بين الناس بالورع والتقوى والتواضع وطيب النفس وحُسن الخُلق.
*من تتوافر فيه تلك السجايا، وينهل من ذلك النبع الصافي، لا يتحول إلى لصٍ دنيء النفس، يسرق مال المسحوقين.
*لا نعلم مسببات وملابسات اعتقال جمال، إذ أنه لم يتسنَّم أي منصبٍ حكوميٍ طيلة سنوات الإنقاذ، ولم يعمل في أيٍ مكون رسمي من مكونات حزب المؤتمر الوطني، وقد علمنا من مخالطتنا له أنه رفض عدة عروض لتقلد مناصب وزارية خلال العهد السابق.
*أما علاقته بالمال فقد بدأت بعمله مع الأخ الحبيب صلاح إدريس، مديراً لأعماله في السودان، ثم توطدت أكثر لتصبح (شراكة بزنس) لاحقاً، عقب ارتباطهما بمصاهرةٍ كريمةٍ، جعلتهما بمثابة الشقيقين، قبل أن يبدأ حكم الإنقاذ.
*عرف الناس جمال الوالي وأحبوه أكثر عقب تقلده رئاسة نادي المريخ، لفترةٍ امتدت أربعة عشر عاماً متصلة، جعلت منه أوفر رؤساء النادي الكبير بقاءً في سدة القيادة، ليفوق أساطين المريخ ورموزه التاريخية في طول فترة تربعه في رئاسة النادي الكبير.
*ارتبطت جماهير المريخ بالوالي، وأحبته وهتفت له وتمسكت ببقائه في رئاسة ناديها، برغم زهده في المنصب، ومارس هو إخلاصه المعلوم، وسخاءه المعهود في خدمة الكيان، فبنى له مجداً، وشاد له صرحاً، ولم يحسب عليه دَيناً.
*شارك أهله أفراحهم وأتراحهم، وحرص على حضور مناسباتهم، وظل يتعامل مع المشجعين بذات النهج الذي يتبعه في التعاطي مع الرموز والأقطاب، تواضعاً وأدباً وزهداً وكرماً ولطفاً، بسجايا حببته أكثر لقلوب الملايين من محبي القلعة الحمراء.
*أجمع على محبة الوالي المعارضون قبل الحاكمين، والهلالاب قبل المريخاب، في وسطٍ يسوده تناحر حاد، ويحكمه تنافس محتدم، كثيراً ما تستخدم فيه أدواتٌ حادة، ومفرداتٌ قاسية، تجعل من الصعب حدوث أي تقارب بين أنصار الناديين، لكن الإجماع على جمال حدث برغم ذلك، ليصبح أحد أشهر رموز التسامح والبعد عن التعصب، في وسطٍ يحكمه الانتماء الصارخ، والتنافس المحموم.
*بالطبع لم تخلُ مسيرته في الوسط الرياضي من الحسد، ولم تتنزه من الاستهداف، وذاك ديدين الناجحين في كل مكان، لكنه أدهشنا قبل خصومه بترفعه وتغاضيه عن الإساءات، بل ساهم في إقالة عثرة بعض من استهدفوه، وتجنوا عليه.
*وضع الوالي في المعتقل أتى في أعقاب تحول سياسي كبير، ألزم السلطة الجديدة بالتحفظ على معظم قادة النظام السابق، ومن ذلك الباب ننظر إلى الأمر بعين القبول، ونرى فيه خيراً له، آملين أن تخلص التحقيقات إلى إثبات ما عهدناه فيه من طهرٍ ونقاء وحسنٍ في الخلق، وعفةٍ في النفس.
*لو كان كل الإسلاميين بنبل ومروءة ونقاء الوالي لشيَّد لهم الناس قصوراً من المحبة في صدورهم، مثلما فعلوا مع جمال.
*الملايين التي هتفت له في الملاعب والشوارع لا يمكن أن تمجِّد لصاً دنيئاً ولا خائناً رخيصاً.
*كما أسلفنا فإن الأخ جمال الوالي ليس كبيراً على المساءلة، ولا يمتلك حصانةً من المحاسبة، ونرجو أن لا تؤثر شهادتنا فيه على مسار التحقيقات، ونشهد الله أنها أتت خالصةً لله، مبرأةً من الغرض، خاليةً من المجاملة، وأننا مسؤولون عن كل كلمةٍ وردت فيها أمام الله والتاريخ.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد