مطلب واحد فقط يجب أن ترفعه كل الجماهير السودانية التي حققت النصر للثورة.. مطلب واحد فرض وجوب لا يمكن بغيره فض الاعتصام أو الانتقال إلى مربع تطبيع الحياة في السودان.. والمطلب هو نقل السلطة.. كامل السلطة.. إلى إدارة مدنية.
الأمر سهل والفكرة واضحة.. عبر الخطوات التالية:
أولاً: أن يوافق المجلس العسكري الحالي، عبر آلية تفاوض على القبول بفكرة نقل السلطة كاملة إلى الإدارة المدنية..
ثانياً: يتحول المجلس العسكري إلى )مجلس الدفاع والأمن( ويتبع لرئاسة الجمهورية ويختص في مسماه، وينال وزارتي الداخلية والدفاع في التشكيل الوزاري.
ثالثاً: يتولى ممثلو الشارع السوداني تشكيل برلمان مكون من 100 عضو. إختيارهم بالتراضي عبر كليات يتفق عليها )مثلاً.. كل كلية لها عشرة مقاعد.. أساتذة الجامعات- المهنيون- المغتربون- القانونيون- رجال الأعمال.. وهكذا(.
رابعاً: البرلمان المعيَّن سيتولى اختيار رئيس للجمهورية )وليس مجلس سيادة( ويعيِّن رئيس الوزراء والتشكيل الوزاري بأكمله.
وحتى نختصر الوقت والجهد وطالما أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان تولى عملياً مهام رئيس المجلس العسكري فمن الممكن الاتفاق على أن يسميه البرلمان رئيساً للجمهورية ويختار هو نائبه ثم يصبح بقية أعضاء المجلس العسكري الحالي أعضاء في )مجلس الدفاع والأمن( الذي يتبع مباشرة لرئيس الجمهورية.
هذه الوصفة تجعل السودان جمهورية مدنية ويتجنب كثيراً من المصائب التي تنشأ دولياً في حال استمرار الحكم بيد مجلس عسكري.. خاصة أن الاتحاد الأفريقي أنذر السودان وأمهله أسبوعين لتصحيح الوضع وتسليم الحكم لإدارة مدنية كاملة.
وليكتمل الإطار الرئيسي لمنظومة الحكم أقترح تجنب كلمة )انتقالي( في وصف أي جسم في مؤسسة الدولة.. هذا يضعف بينان الدولة في نظر الآخرين ويحولنا جميعاً إلى )حالة انتظار( تعطل التعاون الدولي معنا في انتظار تخطينا مرحلة )انتقالي( فلا أحد في العالم يرغب في وضع البيض في سلة )حكومة انتقالية( فضلاً عن المستثمرين الأجانب.. هل يمكن لمستثمر أجنبي أن يضع أمواله في بلد )انتقالي( تحكمه حكومة انتقالية بتشريعات انتقالية؟؟
أصدقكم القول؛ رغم أنه تبقى من زمن التفاوض دقيقتان فقط.. بعدها تجمع أوراق الامتحان لتصحيحها.. ولن يكون متاحاً تغيير الإجابات.. فإن الأوضاع تبدو في أسوأ حالاتها.. أمس في مؤتمره الصحفي طالب تجمع المهنيين بإقالة رئيس القضاء والنائب العام!! طلب غريب للغاية لأنه يعني عملياً وضع القضاء والنائب العام تحت وصاية المجلس العسكري.. وهو أمر يتناقض تماماً مع أسس الدولة الحديثة )دولة القانون( التي تفترض فصل السلطات الثلاث.. علاوة على أن مثل هذه المطالب تمنح المجلس العسكري سلطات سيادية وتشريعية وتنفيذية.. وهو أول خطوة في طريق الديكتاتورية والسلطة المطلقة..
بصراحة.. نحن لا نسير في الاتجاه الصحيح.. أرجوكم تذكروا كلماتي هذه جيداً..