جيش الوطن وبيان الشرطة .. نتساءل عن دور حكماء السودان وكباره، أين هم ؟
يتمدد الخوف على مصير الوطن وأهله، ويتعاظم الإشفاق على أمنه، ومستقبل أجياله القادمة، في ظل تمدد حالة غير مسبوقة من الاستقطاب السياسي، أدت إلى انسدادٍ تام في الأفق العام، بتباعدٍ في المواقف ما بين الحكومة والشباب الذي ثار يطلب التغيير.
في ظل هذا الوضع المشحون يبقى جيش الوطن الملاذ والمُتكأ ونِعم الملجأ، وقد أسعدنا وشرح صدورنا أن تُحظى قواتنا المسلحة الباسلة بثقة الشباب، الذين رفعوا عقائرهم مُعظِّمين دور الجيش، ومتغنين بوطنية فرسانه الأشاوس، ومعلنين إيمانهم بقدرتهم على توفير الأمن للمواطنين، وصيانة تراب الوطن.
ما أقل الثوابت التي يجمع عليها أهل السودان في هذه الأيام العصيبة.
وما أجمل أن يأتي على قِمّتها جيشنا الهمام، الذي أثبتت الأيام مهنيته وقوميته، وأكدت أنه أهلٌ لثقة مواطنيه.
يبقى السؤال عن أفق الحل قائماً، في ظل استفحال الأزمة، واستحكام حلقاتها، التي نتمنى أن تكون قد ضاقت لفرجٍ آتٍ من ستور الغيب، يثبت به أهل السودان أنهم باقون على عهد التآخي والمحبة، وأن عشقهم لوطنهم يجري منهم مجرى الدماء في العروق.
إن استمرار هذا الوضع الهش ينذر بشرورٍ مستطيرةٍ، في ظل تصاعد الأحداث، وتطاير الرصاص، وتواصل نزيف الدم في الشوارع، وغياب أي مبادرة مسؤولة، تستهدف إبرام حلٍ ناجعٍ، لأزمةٍ خانقةٍ، وضعت أمن الوطن وشعبه ومصيره على أخطر محك.
نتساءل عن دور حكماء السودان وكباره، أين هم مما يجري في بلادنا الآن؟
هل نستطيع أن نُعوِّل على ثلة من الأخيار، تمتلك ما يكفي من الحكمة، كي تجترح حلاً ناجعاً، يُجنِّب البلاد شرور الاقتتال، ويقودها إلى طريق الخلاص من النزاع الحالي، بأقل الخسائر؟
غني عن القول أن أي حل للأزمة الحالية لن يمر إلا عبر بوابات القيادة العامة، التي وجد فيها المحتجون الملتجأ، والحماية والإحساس بالأمان، على الرغم من أن ساحتها لم تخلُ من الدماء، ولم تستعصم من شرور الاقتتال، ليبقى الجيش الضامن الأول، بل والأوحد حالياً، لأي عملية انتقال سلمي للسلطة.
تطاير الرصاص بجوار أسوار قيادة المؤسسة العسكرية مؤشر سالب لا يخلو من الخطورة، لأنه يشير إلى غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وضعف التواصل بين حلقات القيادة هنا وهناك.
أمس دخلت الشرطة على خط الأحداث ببيانٍ مسؤول، وجهت فيه منسوبيها بعدم التعرض للمسيرات والتجمعات السلمية، وقد صدر تصريحها في الوقت المناسب، ليرد على من تساءلوا عن مبررات غياب قوات الشرطة عن بعض مناطق الخرطوم، التي شهدت انفلاتاً في الأمن، وتعدياً من بعض معتادي الإجرام على المواطنين، في أطراف العاصمة على وجه التحديد.
شملت التساؤلات مسوغات احتجاب رجال المرور عن الإشراف على تسيير حركة المركبات في عدد من مناطق العاصمة، وشوارعها الرئيسية.
غياب الشرطة يُغري المجرمين، ويُشيع الإحساس بالخوف في نفوس المواطنين، لذلك نتوقع منها أن تُضاعف وجودها في الطرقات، بتسيير المزيد من الدوريات، وزيادة عدد نقاط الارتكاز، سعياً إلى تعزيز الإحساس بالأمان في نفوس المواطنين.
أما الجيش فنرجو أن تصبح ثقة المحتجين فيه مدخلاً لحل سياسي سريع، يوقف نزيف الدماء، ويقود البلاد إلى آفاق الخلاص، من أزمةٍ خانقةٍ، أخذت بتلابيبها، حتى كتمت أنفاسها، ورفعت معدل الإشفاق على أمنها ومستقبلها ومصير أجيالها القادمة.