صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

100%

16

إليكم

الطاهر ساتي

100%

:: عبد الله بن يحيى العلوي، كان من شعراء اليمن، وناشطاً في العمل العام، بحيث كان مندوب ملك اليمن الإمام أحمد بن يحيى، وسفيره الخاص، ومن المقربين إليه.. وكثيرا ما كان يمثل الملك في المحافل الإقليمية والدولية، ويحرص الملك على قراءة تقاريره.. ويقال إن تقارير العلوي هي الأروع في تاريخ السياسة، بحيث كان يصيغها )شعرا(.. وكما تعلمون فإن أعذب الأشعار أكذبها، وكذلك كانت تقارير العلوي!!
:: ويبدو أن المسؤولين عن محو الأمية في بلادنا يصيغون تقاريرهم )أشعارا(، كما كان يفعل العلوي، ثم يجتهدون في أن تكون أعذب الأشعار.. ولكن المؤسف أن إبراهيم آدم وزير الدولة بوزارة التربية والتعليم ليس من هواة الأشعار، ولذلك طالبهم بضبط تقارير محو الأمية في كل ولايات السودان، بحيث تكون الأرقام والنسب صحيحة ودقيقة، ومستنكراً بالنص: )لا يمكن أن تكون نسبة نجاح محو الأمية فى بعض الولايات 100%، لأن هذه النسبة كبيرة(.
:: هكذا صدمهم الوزير إبراهيم، رافضا تقاريرهم التي صاغوها بحيث تكون أعذب الأشعار، وخاطبهم – وهم يحتفلون بيوم الخدمة الذي نظمه المجلس القومي لمحو الأمية – الخميس الفائت، قائلا: )نسبة الأمية في السودان أكبر من المتعلمين، ولا بد من إحصائيات دقيقة ومعلومات حقيقية حتى نستطيع التخطيط للمحو(.. وقبل التعليق على التصريح، وفي إطار حملة هيكلة الدولة، أناشد رئيس الوزراء بحل المجلس القومي لمحو الأمية، وتذويبه في وزارة التربية والتعليم، بحيث يكون إدارة أو قسم.
:: والمهم، لقد صدق الوزير إبراهيم، فالأرقام المتدولة عن محو الأمية غير صحيحة، وكتبت عنها – أكثر من مرة – هنا، وكان آخرها نوفمبر العام الفائت، عندما أعلنت المنسقية للخدمة الوطنية عن خروج ست ولايات – وما يزيد عن خمسين محلية – من الأمية بنهاية العام 2018، وعن خروج كل الولايات في العام 2020.. يومها طالبت بمراجعة هذه الأماني وأرقامها، لأن الأرقام التي يكشفها الواقع والمنظمات الدولية تشير إلى أن حجم الأمية )غير مطمئن(.
:: نعم، لم تخرج أية ولاية – أو محلية – من بحر الأمية، ومثل هذا الحديث مثير للسخرية.. خروج ولاية أو محلية من الأمية يعني أن نسبة الأمية في سكانها )صفر(، وهذا الحلم لم يتحقق في أية رقعة جغرافية في طول البلاد وعرضها، فلماذا يتجمُلون بالتقارير الشعرية؟ وكذلك يجتهدون بحيث تكون أعذب الأشعار أشعارهم؟.. لقد أكدت وزارة التربية كثيرا بأن معدل الأمية في البلاد يقارب عشرة ملايين مواطن، أي ثلث سكان السودان تقريبا.
:: وكذلك أكد آخر تقرير مشترك – منظمة اليونسيف ووزارة التربية – أن أكثر من ثلاثة ملايين طفل لا يتلقون تعليماً في بلادنا، وأن أماكن الرُحل ثم المناطق المتأثرة بالحرب والفقر والنزوح تُشكل أعلى نسب تسرب الأطفال من المدارس، وما هؤلاء – الضحايا الصغار – إلا مشاريع أمية في المستقبل القريب .. وعليه، فإن مكافحة الأمية يجب أن تبدأ بتقزيم نسبة تسرب الأطفال من المدارس لحد )الصفر(!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد