أشرنا بالأمس إلى بيان نقابة العاملين بالمؤسسة السودانية للنفط.. والذى حمل تفاصيل لقاء قالت النقابة إنها عقدته مع السيد وزير النفط لبحث مستقبل و مصير العاملين بالمؤسسة بعد قرار حلها .. ونفصل اليوم ما ورد فى ذلك البيان من نقاط .. ولعل أبرز مافى البيان هو اعتراف النقابة الموقرة بقرار رئيس الوزراء بحل المؤسسه .. فهذه خطوة متقدمة تشكر عليها النقابة .. فوفق الإحساس السائد لدى ) الجماعة ( كان بالإمكان أن تصدر النقابة بياناً يندد بالقرار .. بل ويدين من أصدره .. ومن يقفون خلفه من الخونة والمندسين .. ولكن فى ذات الوقت فثمة سؤال مهم .. وهو أن تلك النقابة كانت تستمد شرعيتها بأنها تمثل العاملين بمؤسسة النفط .. فما هى الشرعية التى تستند عليها بعد حل الإطار القانونى الذى كانت تتحرك فيه ..؟ فإن كانت هذه ملاحظات شكلية على البيان .. فلننتقل الى النقاط الموضوعية فى ذلك البيان وأبرزها وفق ما حمله البيان .. أنهم خرجوا من اجتماعهم مع وزير النفط بأن العاملين لن يتأثروا بالقرار حيث سيتم استيعابهم بنفس مخصصاتهم وامتيازات هم ورواتبهم .. والسؤال .. هل حقا قال وزير النفط ذلك ..؟ وهل يملك وزير النفط هذا الحق .. وهذه الصلاحية .. ؟ أى صلاحية استيعاب العاملين بذات مخصصاتهم وامتيازاتهم ورواتبهم ..؟ والإجابة بداهة لا بالطبع .. لأن هذا الأمر من اختصاص جهات أخرى .. وأن هذا الإجراء يأتى ضمن خطة الحكومة المعلنة سلفاً بإصلاح الدولة وإعادة هيكلة مؤسساتها المترهلة .. والمتضخمة والمتفلتة والمتمددة .. والتى صنعت دولة موازية كما قال صديقنا عادل الباز عبر بابه المطروق بالزميلة الغراء اليوم التالى .. وأن الأمر ليس مزاجاً شخصياً لمحمد طاهر أيلا .. إذن حل المؤسسة يعنى مراجعة كل شىء فيها .. بدءاً من أوجه الصرف وضوابط الصرف و منهج الصرف .. والعقودات .. وما أدراك ما العقودات .. وطريقة التعاقد .. والقواعد الحاكمة لذلك التعاقد .. وعلاقة وزارة العدل بتلك العقودات .. وهذه قصة طويلة نفرد لها حيزاً مستقلاً .. و كذلك مراجعة الدرجات الوظيفية ومرتباتها ومخصصاتها وامتيازاتها و )حوافزها( .. والنظر فى مدى اتساقها مع قوانين ولوائح الخدمة فى الدولة .. !
ثم كانت المفارقة الأخرى واللافتة فى بيان النقابة .. أن الوزير سيقوم بإصدار قرار بتسيير العمل الروتينى كما كان معمولاً به ..! ولن نناقش هنا إن كان الوزير يملك هكذا سلطة أم لا .. فالأصل فى قرار السيد رئيس الوزراء أنه سيعيد سلطات .. وقبل ذلك .. هيبة الوزير .. ولكن السؤال .. إن كان العمل سيستأنف كما كان معمولاً به .. كما زعم بيان النقابة .. فلم كان قرار الحل إذن ..؟ مثل هذا الحديث لا يعدو أن يكون محاولة مستميتة للاحتفاظ بالوضع على ما كان عليه .. وهذا يتساوى تماماً .. مع الشائعات الرائجة الآن .. عن أن قرار حل المؤسسة السودانية للنفط لم يكن قانونياً .. وأنه يخضع للمراجعة من قبل وزارة العدل .. الشىء الذى نفاه السيد وزير العدل .. !