1
أعجبني في حوار مولانا أحمد هارون الذي أجراه معه الأستاذ الرزيقي، انشداده للمستقبل ورؤيته له وطرائق تعامله معه، ثم إحساسه بالآخر وثقته في التحاور معه، واعترافه بأحقيته في تصوراته للمستقبل، مبدياً روحاً سمحة في بناء مستقبل بروح تشاركية لا تقصي أحداً.
2
من أين وكيف سيبدأ مولانا هارون مهمته الانتحارية في الحزب الذي كان حاكماً؟.. هل من داخل جُدر الحزب وأطره الخربة أم من الخارج المشتعل بالأزمات وعدم الثقة في كل ما يمكن أن يطرحه المؤتمر الوطني؟ المؤتمر الوطني في الداخل تتنازعه تيارات متشاكسة كانت سبباً في إحباط أي محاولة للإصلاح أو التطوير، وانتهت بالحزب إلى ما انتهى إليه كمصلحة حزبية جامدة سببها الرئيس ذات يوم بالاتحاد الاشتراكي. ستكون مهمة هارون صعبة داخل الحزب الذي مرر قرارات الرئيس الأخيرة وابتلعها وهو كاره لها، كما أنه لن يكون مسروراً بوجود مولانا على رأسه رغم أن تلك القرارات أنقذته من مصير مجهول وخطر. وكان ينبغي أن يحتفوا بها وبه، لأن لمولانا ما يمكن أن يضيفه للحزب الذي تكلس منذ سنوات ولم يقدم أو يعد بشيء.
3
الملاحظ الآن أن مولانا استطاع في فترة وجيزة إجازة ورقته )الإطار المفاهيمي( من المكتب القيادي، وهي ورقة متقدمة فكرياً وسياسياً، وبعض تلك الرؤية طُرح في وثيقة الإصلاح وفي خطاب الوثبة، ولكن سرعان ما طوتها الصراعات وأودت بها.. إجازة المكتب القيادي لتلك الورقة خطوة للأمام وتنتظر الورقة الإجازة من مجلس الشورى، وإذا أفلح هارون في تمريرها هناك فإن خطوات كبيرة يكون قد مشاها في اتجاه إصلاح الحزب.
4
في الخارج تنتظر مولانا هارون معارك كبرى وقضايا معقدة، أولها ألا أحد يثق بالحزب الذي كان حاكماً وهو بحاجة لمعجزة كي يجلس معه الآخرون للتفاوض أو الحوار. ولذا فالمطلوب من هارون هو خطوات عملية تجاه المعارضين والثائرين في الشارع، وذلك للبداية في بناء مصداقية تتطابق فيها الأقوال والأفعال، كما هو بحاجة ملحة لتغيير جذري في الخطاب السياسي للمؤتمر الوطني، فما أجج النفس هو تلك التصريحات التي اتسمت بقدر كبير من عدم التسامح والهوج السياسي.