في حوار أجرته »الإنتباهة« أمس مع القيادي بحزب المؤتمر الوطني البروفيسور الأمين دفع الله وينشر بالداخل، اعتبر »الأمين« أن ترديد عبارة »الكوز حرامي« الهدف منها التحطيم المعنوي والهزيمة النفسية للإسلاميين عبر تثبيت حقيقة إن الإسلاميين«حرامية«. ربما كان الرجل محقاً إن لم يقصد إنكار الفساد أو التقليل من شأنه..وفي حوار أجريته في وقت سابق مع القيادي بالحركة الإسلامية علي عبد الله يعقوب، أشار فيه إلى أن الحديث عن الفساد هو محاولة للاغتيال المعنوي، وحتى وقت قريب كان رموز النظام وقادته يزعُمون أن الحديث عن الفساد هو نوع من استهداف »المشرع الحضاري« ورموزه، وحتى وقتٍ قريب أيضاً كان كبار قادة الدولة يتحدُّون أن يمتلك أحد دليلاً على الفساد ويأتي به، وفي بال الناس حكاية »أبو زيد«، في وقت ذهب بعضهم إلى التقليل من حجم الفساد وحددوا نسبته بـ »1%« فقط ومن هؤلاء نائب الرئيس الأسبق الحاج آدم يوسف، وكذلك مستشار الرئيس الأسبق عبد الباسط سبدرات الذي ذهب مذهباً في القول أزهل سامعيه حينما قال لصحيفة »قطرية » إننا نعول في حربنا على الفساد على الوازع الديني أكثر من القوانين..!!!..ليس هذا فحسب، بل أن النظام أغلق صحفاً خاضت حرباً على الفساد، وبدا يتعامل بحساسية شديدة مع مفردة »فساد«، إلى أن تكشفت الحقائق وتساقطت أوراق التوت التي كانت تستر عورات الفساد حينما بلغت روح النظام الحلقوم، بسبب الأزمة المالية وانعدام السيولة والضائقة المعيشية والغلاء وانعدام الخبز والوقود ومعظم الضروريات، وكلها أمور كادت أن تطيح بالنظام، وبدا جلياً أن كل ما حدث سببه »جهابذة الفساد« الممنهج )الحمدلله إنو كلمة ممنهج دي قالها وزير العدل ذات نفسو قبل يومين، ومعروف يعني إيه ممنهج(..ثم بدا لهم من بعد ما رأوا »الآيات« أن يسجنوا »غول الفساد« ويعتقلوه، وبينما كنا ننتظر »شنقه« ومحاكمته العادلة التي ستجر وراءها ألف غول وغول حدثت التسويات المالية وشيء أشبه بـ »التحلل«.. وهذا كان أول اعتراف صريح من الدولة بأن »غول الفساد« هو الخطر الذي يهدد أمن البلاد ويُدمر اقتصادها ويسومها سوء العذاب..
لكن الحمد لله جاءت الخطوة الثانية باعتراف رسمي يندى له الجبين، وهو الإقرار الرسمي بأن إعلان حالة الطوارئ لمحاربة الفساد وليس لكبت الحريات )لكل أشكال الفساد من تهريب وتخريب وتجنيب، وكل التشوهات ذات الصلة بالفساد(.. وهذا يعني أن الفساد المستشري في الدولة وصل مرحلة الخطر والكارثة، لأن الطوارئ لا تُعلن إلا لخطر أو كارثة تهدد بقاء الدولة.. لكن لماذا بلغ الفساد هذا المبلغ؟!.. دعوني أُجيب: لأن أجهزة الدولة ليس باستطاعتها محاربته، ولأن السائد أن أحاديث الفساد استهداف للمشروع الحضاري.. ولأن الدولة تعتمد في حرب الفساد على الوازع الديني.. ولأنها كانت تحارب الذين انبروا لمحاربة الفساد.. شكراً لاعترافكم بأن الفساد أصبح إمبراطورية لها جيوش جرارة وأقلام ترافع، ومنهج وشبكات وخلايا نائمة وقوانين ولوائح، ولابد من إعلان الطوارئ لمواجهتها )جيش لي جيش(.. اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.