صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بتنازل البشير عن رئاسة حزب المؤتمر الوطني يكون أوفى بما جاء في خطاب الطواريء

13

 

بتفويض السيد رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الوطني صلاحياته وسلطاته الحزبية لنائبه في المؤتمر الوطني، يكون البشير قد أوفى بما وعَد في خطابه الجمعة الماضية، وتأكيداته أنه سيقف على مسافة واحدة من جميع مُكوّنات العمل السياسي، وسيرعى التحاوُر والنقاش في المبادرات والأفكار التي طرحها في ذلك الخطاب من أجل إقالة عثرة البلاد والإصلاح السياسي والاقتصادي، وإرساء سفينة السودان على جودي الاستقرار والأمن والسلام.
هذه الخطوة الجبّارة والشجاعة بتنازُل الرئيس لمولانا أحمد محمد هرون عن صلاحياته، تعني أن المرحلة الجديدة للتغيير قد بدأت بالفعل، ولم يكُن الإفصاح عنها شعاراً ولا تكتيكاً سياسياً، هناك إرادة حقيقية من أجل التحوّلات الجارية في البلاد، وقد أحسن الرئيس إتباع قوله بفعله ..
على القوى السياسية وخاصة المعارضة أن تفهم مغازي ومعاني ما أقدم عليه الرئيس، فالمؤتمر الوطني هو الحزب الذي كان بوجود الرئيس هو المُوجّه لعمل الدولة والحزب الحاكم دون أدنى شك، فالتغيير بدأ من أعلى نُقطة انطلاق، وهي ابتعاد الرئيس عن حزبه وتطبيقه مبدأ الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وهذا يعني التعامُل بعدالة والتخلُّص من مشاعر الانتماء والانحياز، والتحرّك بحرية كبيرة دون أن تكون هناك مُقيِّدات حزبية أو التزام بما يُقرّره الحزب ويُحدّده .. فالرئيس اليوم يمد يده بيضاء للجميع، ليست هناك أفضلية لحزب على آخر، ولا يتميّز المؤتمر الوطني عن غيره في المُعاملة ولا في المساحة التي تفصله عن السلطة ..
إذا فَهِمت الأحزابُ ذلك، وتعامَلت مع الأمر بجديّة وتعاطت مع هذه التحوّلات بعقل مفتوح، يمكن لأي حوار مُقبِل أن يؤتي ثماره، وتكون له نتائج إيجابية، وإذا تعامل المؤتمر الوطني مع هذه المُعطيات الجديدة والواقع السياسي المنبثق من خطوة الرئيس وحافَظ هو بنفسه على المسافة الواحدة، ستتعزّز الثقة أكثر ويشعُر الجميع بالجدّية الكاملة والفاعِلة في إعادة صياغة المجرى السياسي العام، لا فائدة من خطوة السيد الرئيس بتفويض صلاحياته لنائبه في الحزب إذا لم ترُد الأحزابُ الأخرى التحية بأحسن منها، وتجد فيها تجسيداً عملياً لفكرة المسافة الواحدة .
وحتى هذه الفِكرة بالوقوف على أبعاد متساوية من الجميع، تحتاج من السيد الرئيس، مبادرات عملية بتحرُّكاته وتواصُله الشخصي مع القوى السياسية وقياداتها وبتكوين لجان الاتصال السياسي التي تتبع لرئاسة الجمهورية حتى تقود الحوارات المُعمَّقة وتصل إلى نقاط التقاء مشتركة يبنى عليها مشروع وطني يكون فيه الاتفاق على الحد الأدنى المعقول والمقبول من جميع الفرقاء السياسيين، ويستوجب ذلك عدم عزل أي طرف من الأطراف أو جهة من الجهات أو مُبادرة من المُبادرات الكثيرة التي طُرِحت في الفترة الماضية، إضافة إلى ذلك، يجب أن تتواصل فوراً جولات التفاوُض مع الحركة الشعبية شمال وبقية حركات دارفور لإنهاء النزاعات المُسلّحة وتحقيق السلام، وطي صفحة الحرب التي أثّرت في الاقتصاد وأقعدت به وشرّدت المواطنين وصنعت حالة عدم الاستقرار والشد والجذب والاستقطاب الداخلي والخارجي ..
أهمية المرحلة المُقبِلة على كل صعيد، تحتاج إلى نفس عزيمة الرئيس وشجاعة موقفه في نقل صلاحيّاته لنائبه والتخلّي عن قيادة المؤتمر الوطني، مطلوب من القوى السياسية أن تُدِرك أهمية وخطورة المرحلة المقبلة، خطورتها في حجم ما تتعرَّض له البلاد من مخاطِر وتحدِّيات، وأهميتها في التوجّهات الجديدة التي أعلنها الرئيس والتدابير التي تمّت فيها والإرادة السياسية القوية التي تم التعامُل بها مع هذا الانتقال الجديد وما يترتّب عليه، الجميع شركاء في صناعة المستقبل وبناء أرضية وقاعدة صلبة للانطلاق، لا حَجر فيه على أحد ولا عزل لجهة، كُلّنا شركاء في وطنٍ له نفس الحقوق وعلينا ذات الواجبات …

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد