أطلق سياسيون وناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر ضد الحكومة بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية التي بلغت مداها فزادت معانة المواطنين نتيجة ارتفاع اسعار السلع الإستهلاكية بصورة جنونية، بجانب استمرار ازمة الوقود وشح النقد في المصارف والتي تراوح مكانها منذ أكثر من أسبوعين ، وعلى الرغم من سوء اوضاع المواطنين إلا ان شبح الزيادات الجديدة بات يهدد مضاجعهم لا سيما وأن الموازنة الجديدة اقتربت ، وإذا كان العام الماضي قد وصف بأنه عام الرمادة فهل سيكون العام الحالي عاماً تمشي فيه المجاعة على أربع ؟
خلفية
عقب انفصال الجنوب وخروج النفط من الموازنة اضطرت الحكومة لتطبيق سياسات الاصلاح الاقتصادي التي تستند بشكل أساسي على رفع الدعم عن القمح والوقود، واعتمدت تنفيذ حزمة تلك الاصلاحات على مدى ثلاث مراحل اعلنتها في العام 2011 وبررت الحكومة خطوتها تلك بأنها تشتري المشتقات النفطية بالسعر العالمي وتبيعه بسعر مدعوم بسعر 49 دولاراً للبرميل وارتفعت اسعار البنزين بنسبة 37% والجازولين بأكثر من 50% ، وكان استهلاك البنزين في تلك الفترة يتجاوز الـ 300 ألف طن والجازولين بما يقارب ثلاثة ملايين طن ، وشهدت البلاد احتجاجات محدودة في تلك الفترة ويرى مراقبون ان اعلان نائب رئيس الجمهورية ومساعده لشؤون الحزب السابق د نافع علي نافع تطبيق التقشف على كل الدستوريين باستثناء رئيس الجمهورية خفف حدت الاحتجاجات .
وفي عام 2013م تصاعدت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للمرحلة الثانية لرفع الدعم عن الوقود والقمح وراح ضحيتها بحسب احصاءات الحكومة أكثر من 70 شخص بينما أكدت المعارضة ان عدد القتلى بلغ أكثر من 200 شهيداً ، وصعبت احداث سبتمبر على الحكومة الاقدام على تطبيق الحزمة الثالثة والأخيرة من رفع الدعم عن الوقود حيث اضطرت للتراجع عنها الا ان موازنة العام الحالي والتي وصفت بالكارثية زادت من معاناة المواطنين عقب رفع الدعم عن القمح وارتفاع سعر الخبز الى جنيه وتسبب رفع الدولار الجمركي الى 18 جنيه في تفاقم مشكلة انفلات الأسعار .
وعقب تولي رئيس مجلس الوزراء معتز موسى مهمة انقاذ الأوضاع الاقتصادية بالبلاد تم اعتماد سياسات جديدة للحد من ارتفاع سعر الدولار وتشكيل لجنة صناع السوق لتحديد سعر حقيقي للدولار للقضاء على السعر الموازي الا ان تجدد أزمة الوقود والخبز واستمرار مشكلة السيولة أدى هزم مجهودات رئيس مجلس الوزراء نتيجة عدم وجود دراسة عملية قبل تطبيق السياسات ، وشهد الأسبوع الماضي مظاهرات الفريشة بسوق امدرمان احتجاجا على كشات المحلية ، وشهدت شمبات وبري والكلاكلة احتجاجات ايضا ، وتظاهر مواطنو ولاية النيل الازرق يوم الخميس احتجاجا على استفحال أزمة السيولة والوقود والخبز ، وتم تحرير سعر صرف الدواء وفقا للسعر الذي تحدده آلية السوق وكذلك تحرير سعر صرف تذاكر الطيران وبدأت الحكومة مجدد ا خلال الايام القادمة التلويح بالخروج من دعم القمح نهائيا مما يعني ان القادم أسوأ.
وشكلت الصفوف في الخرطوم خلال الاسبوعيين الماضيين ملمحاً يومياً اعتاد عليه المواطنين حتى ان بعضهم صاروا يشتكون من أن يومهم يضيع في صفوف الصرافات والوقود والخبز ، لذلك وجد الناشطون المناخ مهيئاً للدعوة للخروج للشارع يوم أمس وعقب صلاة الجمعة .تجددت الاحتجاجات امس الجمعة في كل من الكلاكلة القبة ، الكلاكلة شرق ، الشقيلاب ، الشجرة الكلاكلة شرق، الشقيلاب الشجرة ، بري ، والديم وقال شاهد عيان لـ)الجريدة( إنه تم اغلاق إغلاق الطرق في تلك المناطق بالإطارات بعد اضرام النار عليها.
الوطني وصبر الشعب السوداني
حيا أمين الأمانة السياسية بالمؤتمر الوطني ، الشعب السوداني على صبره على الظروف الاقتصادية الراهنة وتفويته الفرصة على من وصفهم بالساعين لإثارة الشغب لتحقيق أجندة قال إنها لا تصب في مصلحة استقرار السودان ووحدته. وقال باسان في ندوة )دور السودان السياسي في المنطقة( التي نظمتها أمانة الشباب الاتحادية بقاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات الاسبوع الماضي ، )يعتبر السودان من أكبر عشرة اقتصاديات في العالم رغم الظروف التي تمر بها البلاد، ونحيي الشعب السوداني على صبره على هذه الظروف لتفويته الفرصة على من يسعون لإثارة الشغب لتحقيق أجندة لن تصب في مصلحة استقرار السودان ووحدته (.
واعتبر نائب رئيس الوطني بولاية الخرطوم كامل مصطفى ان التحدي الإقتصادي ليس هم المؤتمر الوطني وحده بل هم وطن وليس هم حزب ودعا لخلق إصطفاف سياسي وطني عريض وإعلامي فعال لمجابهة الازمات الاقتصادية
وقال هناك ضعاف نفوس يستغلون أزمات الشعب السوداني بالتحدي الإقتصادب وتابع ضعاف نفوس يستغلون أزمات الشعب السوداني.
الفرج آت
ودعا المكتب القيادي للمؤتمر الوطني لاجتماع طارئ الخميس الماضي وعلى الرغم من أن اجندة الاجتماع كانت معلنة وهي اجازة السمات العامة للموازنة القادمة إلا ثمة تكهنات بصدور قرارت هامة عززتها تسريبات صحفية قطعت بتحرير سعر الوقود بالسعر العالمي دفعت وسائل الاعلام المحلية والعالمية لانتظار مخرجات الاجتماع الذي استمر اكثر من خمس ساعات الا ان حال لسان الصحف صبيحة اليوم الثاني وهي تردد تمخض الجبل فولد فاراً، وقال نائب رئيس المؤتمر الوطني ومساعد رئيس الجمهورية إن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني “أثنى على صبر الشعب السوداني لتفهمه المستمر لمجابهة الضائقة المعيشية والازمات الطارئة واضاف “الفرج آتٍ والجهود مبذولة ستثمر خيراً وبركة”.
ودعا الشعب السوداني لتفويت الفرصة على اي دعوات سالبة لنسف الاستقرار السياسي والاجتماعي واكد أن المكتب القيادي للوطني وجه باتخاذ التدابير العاجلة واللازمة لتوفير الوقود والخبز وضبط سعر الصرف ، وأّمن على خطة الحكومة لتوفير السيولة والاوراق النقدية بناء على تدابير فنية واقتصادية.
وأشار مساعد الرئيس البشير، إلى أنه تم الاطلاع على التقارير الخاصة بانسياب دقيق الخبز، وأهمية الرقابة الشعبية ومنع التهريب وتسرب الدقيق إلى خارج البلاد والتاكيد على الاجراءات والتدابير الخاصة بالوفرة خاصة في ولاية الخرطوم.
وكشف مساعد الرئيس ،نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، فيصل حسن ابراهيم، ملامح موازنة العام الجديد 2019، انها تشمل 13 هدفاً، و393 برنامج سيفصل فيها الجهاز التنفيذي فيما بعد.
تجدد المخاوف
و كما هو معلوم فإن كل موازنة تشتمل على حزمة من الزيادات التي تاتي ضمن حزمة برنامج الاصلاح الاقتصادي إلا أن السمات التي كشف عنها قيادي الوطني لم تحمل أي تطمينات بعدم رفع الوقود ، وإنما خص بتاكيداته عدم احتواء الموازنة على زيادة الضرائب فترك الباب واسعاً لمخاوف المواطنين الذين بات شبح ارتفاع الاسعار والغلاء الطاحن يلاحقهم حتى في احلامهم .
وأكد نائب رئيس الوطني ومساعد رئيس الجمهورية ان الموازنة لا تتضمن اي زيادة رأسية في الضرائب وكشف عن زيادة بنسبة 199% للمنافع الاجتماعية في الموازنة.
واعلن عن زيادة في موزانة العام 2019 بنسبة 39% في تحويلات الولايات عن العام السابق ، واشار الى ان الموازنة تهدف للاصلاح الاقتصادي وتحسين معاش الناس ومكافحة الفساد والحوكمة واصلاح الخدمة المدنية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في سعر الصرف، والاستقرار الاقتصادي.
الثورة الشعبية
من جهتها جددت المعارضة تمسكها باسقاط النظام عبر الثورة الشعبية وقال القيادي بالحزب الشيوعي السوداني علي سعيد: إن حزبه متمسك باسقاط النظام ، وقال لـ)الجريدة( : الازمات التي تواجه البلاد مرتبطة بطبيعة النظام نفسه لذلك نؤيد أي تحرك جماهيري سلمي ليس فيه تخريب للمتلكات.
وأكد أن حق التظاهر والاحتجاج حقاً دستورياً وحذر من وجود عناصر قد يتم دسها وسط المحتجين لاحداث تخريب وفوضى. و)تابع( التفلتات قد تسبب ثورة جياع وفوضۍ وشدد علۍ ضرورة التمسك بسلمية الاحتجاج.
واوضح ان القلة المنتفعة من النظام هم من يساندوه وطالب الاجهزة الامنية والشرطية بحماية المحتجين.
دعوات لتدخل الجيش
دفع الحزب الاتحادي الديمقراطي مجموعة الاصلاح والتغيير بمذكرة لرئيس الجمهورية بوصفه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات المسلحة دعا الحزب في المذكرة لنشر الجيش لتأمين البلاد من خطر الانزلاق نحو الفوضي وحماية حقوق المواطنين في التظاهر السلمي فى إطار الدستور للمطالبة بحقوقهم واحتياجاتهم.
ودعا الحزب لحل الحكومة فى المركز والولايات وتكوين حكومة أزمة رشيقة تقتصر مهمتها على المشاكل الكبيرة والمستعصية في فترة محدودة تعود بعدها البلاد إلى انتخابات عامة
وحذرت في المذكرة التي تحصلت الجريدة على نسخة منها من انفجار الاوضاع ، وخروجها عن السيطرة وحدوث الفوضي التى سوف تؤدى إلى إراقة دماء المواطنين وإلى تمرير مؤامرات خارجية على البلاد وتهديدات على الأمن القومي. واستند رئيس مشروع الاصلاح والتغيير بالاتحادي الديمقراطي في تقديم المذكرة إلى دستور السودان الإنتقالي لسنه 2005م المادة 144 الفقرة )2( التى تنص على الآتي :-
)تكون مهمة القوات المسلحة القومية السودانية حماية سيادة البلاد، وتأمين سلامة أراضيها، والمشاركة في تعميرها، والمساعدة في مواجهة الكوارث القومية وذلك وفقاً لهذا الدستور. يبين القانون الظروف التي يجوز فيها للسلطة المدنية الاستعانة بالقوات المسلحة في المهام غير العسكرية(
حكم الخروج على الحاكم :
وانقسمت آراء العلماء في السودان بين معارض ومؤيد حيث رفض جواز الخروج على الحاكم وكان رئيس لجنة الفتوى بالهيئة؛ عبدالرحمن حسن أحمد حامد، خطيب مسجد الرشيد بشمبات مربع 15 قد قال في خطبة في العام 2012م إن الهيئة رفضت رفضاً قاطعاً طلب مسؤولي الحكومة. وأضاف: “كان صعباً علينا الموافقة لأننا من غمار الناس ولا نسكن القصور، ونركب المواصلات ونشتري من الأسواق ونعرف مدى معاناة المواطنين
وعادت هيئة علماء السودان لتفتي مجددا في العام 2016 م بعدم جواز الخروج على الحاكم وأكد رئيس هيئة علماء السودان د.محمد عثمان صالح عدم جواز الخروج على الحاكم، مشيراً إلي حرمة ذلك التصرف ابتداءً باعتبار أن مدافعة الحاكم في بلاد المسلمين محرمة ، وطاعته واجبة ،ومناصحته بالحسنى ،واجتناب إثارة الفوضى ببلاد المسلمين ،وقال “صالح” إن الشعب ليس له أن يخرج على الحاكم وتخريب الممتلكات العامة ،معتبراً أن ذلك أدعى إلى خلق الفوضى في الحياة العامة حتى وإن تعلق الأمر بالقرارات الاقتصادية الأخيرة ،وطالب في ذات الوقت الدولة بالتعامل بحكمة مع مظاهر الغضب في الشارع العام ،ومعالجة دواعي الفتنة ،وعدم توظيف القرارات المعنية لتحقيق أهداف غير ذات صلة بمصلحة المواطن ،وشدد على أهمية أن تبدأ الحكومة بنفسها ،عبر إعمال التدابير التقشفية، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتقليل الوظائف الحكومية والدستورية.
الجريدة