(1)
· في (22) فبراير الماضي عندما خرج الرئيس المخلوع عمر البشير في خطاب شهير عن الازمة والاحداث التى شهدتها البلاد والاحتجاجات التى كانت تجتاح البلاد منذ (19) ديسمبر، اعلن الرئيس المخلوع حل الحكومة واعلان قانون الطوارئ.
· كان البشير يقرأ من لوح (الكتروني) مثبت امامه وهو يتلفت ذات اليمين وذات اليسار، ليلتقط ردود الافعال من قياداته في الدولة التى كانت تجلس في الصف الاول في القصر الجمهوري وهو يتلو عليهم خطابه.
· بدا واضحاً ان القيادات تفاجأت بفحوى الخطاب وبما جاء فيه من قرارات، اذ كان البشير يقرأ (خطاباً) غير الذي اتفق عليه مع تلك القيادات، او مع بعضها، لهذا كان شغف البشير كبيراً لقراءة ردود افعال تلك القيادات ولمعرفة حقيقة انطباعاتهم الشخصية عن القرارات.
· ظهر ذلك في ان القرارات التى اعلن عنها البشير في ذلك الخطاب كانت تختلف عن القرارات التى كان قد اعلن عنها وقتها رئيس جهاز الامن والمخابرات صلاح قوش، لبعض قيادات العمل الصحفي في البلاد، ليبدأ (الاختلاف)، او يبدأ (الصراع) المعلن بين الرئيس ومدير جهاز امنه ومخابراته من هنا.
· وقد اكتمل الصراع في (الاختلاف) الذي كان في (فض الاعتصام) بين الرئيس المخلوع واللجنة الامنية التى كان صلاح قوش احدى اهم ركائزها.
· النظام الذي كان قد سقط سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في الشارع وفي المجتمع الدولي كان يسقط (داخلياً) بين قياداته، وكان يتفكك (امنياً) بين اجهزته من خلال تلك التحركات والاختلافات التى كانت بين الاجسام الحاكمة والمسيطرة على البلاد وقتها.
(2)
· اهم ما اعلن عنه البشير في ذلك الخطاب لم يكن في حل حكومة الوفاق الوطني، ليؤكد ذلك تشييع (الحوار الوطني) الى مثواه الاخير. ولم يكن اعلان حالة الطوارئ هي القرار الاهم من بين تلك القرارات التى اذاعها الرئيس المخلوع.
· اخطر ما جاء به البشير في ذلك الخطاب، وكان واضحاً انها لعبة جديدة يطلقها البشير وتطبيق آخر يريد ان يبقى به على سدة الحكم فترة اخرى، قوله انه يقف على مسافة واحدة من الجميع.
· حيلة مختلفة للبشير، اراد ان يستعصم بها من سيل الاحتجاجات.
· البشير بقوله هذا ظن وقتها انه يتفضّل على الشعب السوداني، وانه يتكرّم على المعارضة بوقوفه على مسافة واحدة من الجميع.
· لم يكن البشير يعلم ان بعده اصبح افضل لكل الاحزاب، وقد يكون الرئيس المخلوع قصد ان يرفع الضغط والحرج من حزب (المؤتمر الوطني) وذلك بالابتعاد منه والتخلي عن رئاسته ، دون ان يكون قصده في ذلك ان يقف على مسافة واحدة من الجميع، وان ينصف في حسبة القرب والبعد كل المكونات السياسية والحزبية في السودان.
· لم ينطلِ على الشعب السوداني ذلك القرار الذي تفضّل به البشير على الوطن بعد (30) عاماً، بل زادت الاحتجاجات وارتفع سقف الطموح والطلبات رغم قانون الطوارئ الذي كان يقبض على (المحتج) نهاراً، ليعاقب ويحاكم في نفس اليوم مساءً.
(3)
·امس مضى على سقوط البشير (90) يوماً، وهذه فترة طويلة ان تبقى فيها البلاد بدون حكومة وبدون (اتفاق) حقيقي، حيث مازال الجدل يدور هنا وهناك اعتراضاً واحتجاجاً، وهمساً في بعض الاحيان وجهراً في احيان اخرى.
· (90) يوماً بدون حكومة (تنفيذية) هذا امر يعيدنا الى مربع البشير ومخاطره، خاصة أن المجلس العسكري ظل يعلن على رأس كل أسبوع عن إحباط محاولة انقلاب جديدة.
· الوضعية التى نحن فيها الآن يمكن ان تقودنا الى ما هو اسوأ من فترة البشير ونظامه.
· الفراغات والوزارات الشاغرة الآن رفعت معدل التخضم وادت الى تراجع الصادر، ورفعت الاسعار واحدثت خللاً واضحاً في جوانب الحياة في السودان.
· يمكن أن نصل للفوضى بهذه الطريقة، ويمكن ان تكون (المخاطر) اكبر من أي وقت مضى اذ بقي الحال على ما هو عليه الآن.