أدرجت الولايات المتحدة الأميركية السوداني الأصل إبراهيم القوصي، على قائمة المطلوبين لديها، ورصدت 4 ملايين دولار مكافأة لمن يدلي بأي معلومات عنه أو عن موقعه، والذي عاد لصفوف «القاعدة» بعد سنوات من إطلاق سراحه من سجن غوانتانامو، ما دفع نواباً في الكونغرس لمطالبة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بتقديم مبررات إطلاق سراحه وآخرين عادوا لأحضان الجماعات الإرهابية مجدداً.
وتصدر القوصي الاهتمام الأميركي، إثر التسجيل الصوتي الذي بثه قبل شهرين، وحرض فيه «حركة الشباب» في الصومال، الموالية لتنظيم «القاعدة»، على استهداف المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الصومال والقرن الأفريقي.
وسبق التسجيل سلسلة من العمليات الإرهابية التي نفذتها «حركة الشباب» المتطرفة، من بينها الهجوم على القاعدة الأميركية في الجنوب الصومالي، التي تقع في الشمال الغربي للعاصمة مقديشو.
وأعادت الولايات المتحدة الأميركية فتح سفارتها في الصومال، ونشر قوات عسكرية هناك في 2018، بعد مضي 26 عاماً على مقتل عشرات الجنود الأميركيين بمقديشو في عام 1993، واضطرت الولايات المتحدة الأميركية على أثره، إلى سحب قواتها وخفض تمثيلها الدبلوماسي في الصومال لأدنى المستويات، وتدهورت العلاقات إلى حد القطيعة التامة بين البلدين.
وتشكل القواعد العسكرية الأميركية الجديدة في الصومال، مصدر قلق عظيم لتنظيم «القاعدة» في الصومال؛ حيث تنطلق منها الطائرات من دون طيار لضرب المواقع التي تتمركز فيها «حركة الشباب».
وأفرجت السلطات الأميركية عن القوصي المعروف بـ«طباخ وسائق» زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، في أغسطس 2012، بعد أن قضى 10 سنوات في سجن غوانتانامو الشهير، عبر صفقة بينه والإدارة الأميركية في ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، وذلك بعد عام وأشهر من مقتل بن لادن.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، الهادي محمد الأمين، إن تفاصيل الصفقة التي أطلق بموجبها القوصي من غوانتانامو، خافية ويشوبها الغموض، بيد أنه رجح أن تكون صفقة بين جهاز الأمن والمخابرات السوداني آنذاك وهيئة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).
وبحسب الأمين، فإن وصول القوصي للخرطوم بطائرة تابعة لسلاح الجو الأميركي فجر الأربعاء 11 أغسطس (آب) 2012، يعزز فرضية أن الإفراج عنه تم بعد اعترافه ببعض الاتهامات، وذلك على الرغم من نفي القوصي القاطع أنه أدلى بأي معلومات عن أشخاص لهم صلة بأسامة بن لادن.
ويعتبر القوصي من أوائل الشباب السودانيين الذين التفوا حول بن لادن، إبان تواجده بالسودان مطلع تسعينات القرن الماضي، وأبعدوا معه إلى اليمن، ومنها إلى أفغانستان، ثم اعتقاله من قبل الأميركان في 2002 ومعه 15 من السودانيين، وترحيلهم إلى سجن غوانتانامو بكوبا.
وصنفت الولايات المتحدة الأميركية السودان في 1993 على رأس قائمة وزارة خارجيتها للدول الراعية للإرهاب، وسببت ذلك باحتضان النظام السابق لأسامة بن لادن، وجماعات وعناصر، من بينهم سودانيون ينتمون للقاعدة، ويشاركون في أنشطة إرهابية بالصومال ومالي، ولعلاقة النظام السوداني السابق بعملية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.
ونجحت الضغوط الأميركية المكثفة في إجبار نظام المخلوع عمر البشير وزعيم الإسلاميين حسن الترابي، على إبعاد بن لادن وأتباعه من السودان في 1996، وتدشين عملية تعاون لا محدودة في ملف مكافحة الإرهاب مع جهاز الأمن السوداني، الذي قدم معلومات قيمة عن وجود تنظيم «القاعدة» في المنطقة، بحسب إقرار وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه).
وتؤكد حيثيات كثيرة علاقة النظام السابق الوثيقة بالقوصي، ومن بينها أن السلطات سلطت الأضواء على قضيته أثناء احتجازه في غوانتانامو؛ بلغت تكوين هيئة مشتركة سودانية أميركية للدفاع عنه ومتابعة قضيته، خلافاً لبقية السودانيين المحتجزين معه بغوانتانامو.
واعتبر الأمين وصول الولايات المتحدة الأميركية مرحلة «رصد مكافآت مالية تبلغ ملايين الدولارات مقابل معلومات عن القوصي»، مؤشراً على أن أجهزة المخابرات الأميركية بدأت فعلياً في عملية استخباراتية لملاحقته، بعد الضربة القاصمة التي وجهتها لتنظيم «داعش». ويضيف أن المخابرات الأميركية أخذت على محمل الجد التسجيل الصوتي الذي أشاد فيه القوصي بالعمليات الإرهابية، التي نفذتها «حركة الشباب» ضد ما أسماه «القوى الدولية»، وتشجيعهم على استهداف القوات الأميركية بالصومال، بإعلان المكتب المختص بوزارة الخارجية رصد 4 ملايين دولار، نظير أي معلومات تؤدي إلى معرفة هوية وموقع القوصي.
وعلى الرغم من تراجع نفوذ تنظيم «القاعدة» في أفريقيا لصالح «داعش» المتمدد، فإن تأثيره في اليمن والصومال ومنطقة القرن الأفريقي لا يزال حاضراً، ما يزيد المخاوف الأميركية من تجدد نشاطه وصعوده إلى السطح في المنطقة مجدداً.
قد يعجبك أيضا