صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

30 يونيو وفساد السلطة والمال

11

 

قولوا حسنا

محجوب عروة

30 يونيو وفساد السلطة والمال

 

لن أنسى ما قاله لي المرحوم د.حسن الترابي عندما التقيته عقب خروجي من الاعتقال في بيوت الأشباح عام 1994 بسبب (صحيفتى السوداني الدولية) الشهيرة، قال لي “أخوانك ديل فتنتهم السلطة والمال)!!
قبل ثلاثين عاما أذاع العميد عمر حسن أحمد البشير بيان الانقلاب وللحقيقة لم تحدث معارضة واضحة رغم ميثاق الدفاع عن الديمقراطية الذي أجازته القوى السياسية سابقا وقد فسر المراقبون ذلك بالخوف من تمدد حركة التمرد في الجنوب وتطلعها نحو مدن الشمال كما صرح رئيسها جون قرنق الذي رفض الانخراط في الثورة والنظام الديمقراطى وقال بأنها (مايو تو) وعجز الحكومة لمواجهته.. وعندما سرت إشاعة قوية بأن ذلك الانقلاب دبرته ونفذته الحركة الإسلامية قال كثيرون دعونا نجربهم فربما يكونون أفضل من غيرهم من الأحزاب التي فشلت سيما وأن الحركة الإسلامية تتمتع عناصرها بقدرات تعليمية عالية وتجارب سياسية متقدمة ظهرت عقب انتفاضة أبريل حيث كانت الأكثر عقلانية وقدرة لمواجهة حركة التمرد لدرجة تنبأ لها المراقبون بأنها ستكتسح انتخابات 1990.
لكن مشكلة الحركة الإسلامية أنها مارست السلطة المطلقة التي هي مفسدة مطلقة حيث قدمت أسوأ تجربة حكم لحركة الإسلام السياسى أو النهضوي عندما نال منها (الآخرون) شعبا ومعارضة استبدادا بالرأي والظلم والتعسف في استخدام السلطة وأقصت الآخرين، والأسوأ فساد ماليٌّ عظيم وعدم قدرة على إدارة البلاد ومشاكلها المستعصية فى تحقيق السلام والاستقرار والحكم الراشد والازدهار الاقتصادى وفشلت في مواجهة الفقر والتضخم والبطالة وأخيرا ارتفاع سعر الخبز وعدم توفير النقود والوقود بل لأول مرة في تاريخ السودان، ينفصل ثلثه ويُحتَل مثلث حلايب الذي نتج عن محاولة غبية لقتل الرئيس المصرى مبارك.
ولعل أسوأ ما نتج عن حكم الحركة الإسلامية تحوُّل النظام إلى حكم الفرد وأصبحت مؤسسات الحكم الدستورية والسياسة مسخا مشوَّها ومصدرا للتندُّر الشعبي حين سادت الرشاوى السياسية والمالية لجذب الآخرين وسياسة الحشود الزائفة التي تأتي بالمال وأصبح كل هم تلك المؤسسات والأحزاب المشاركة ليس قضايا الشعب بل تعديل الدستور ليستمر البشير في الحكم وكأن البلاد قد عقمت وأصبحت رهينة له ولبطانته..
فشلت السياسات الاقتصادية وانهار الجنيه وأصبحنا دولة متسوِّلة ومحاصَرة دوليا، وفشل الحوار الوطنى الأكذوبة، ولو صدق فيه النظام ورئيسه لربما تحقق التوافق والتراضي الوطني والحكم الرشيد ولكنه كان مجرد وسيلة ساذجة لكسب الوقت فلما انكشفت الحقائق لم يصمد النظام أمام الشعب، وانكشف الفساد والإجرام لدرجة كان رئيس النظام وبطانته أرادوا قتل آلاف الشباب المعتصمين بفتوًى مشكوك فيها فانحازت القوات النظامية للثورة في صحوة ضمير عظيمة ومهنية عالية يُشكَرون عليها وإن كان ذلك واجبهم الأخلاقي والوطني والدستوري.
إن أسوأ الخصال الكذب والنفاق والظلم فقد بدأ نظام الإنقاذ بكذبة وانتهى بكذبة حين ادعى رأسه في خطاب فبراير أنه سيكون على مسافة واحدة من الجميع ولكنه تراجع فكانت نهايته.. وصدق الله العظيم {…وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنوُا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ والأَرْضْ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأهْلكْنَاهُمْ وَمَا كَانَ رَبُّكَ ليهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وأَهْلُها مُصْلِحُونَ…}، لقد نزع الله منهم الملك نزعا.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد