صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

23 في 30..

11

 

 

كلام صريح

سمية سيد

23 في 30..

 

ثلاثون عاماً من حكم الإنقاذ شهدت فيها بلادنا صنوفاً مختلفة من أنواع فساد وإفساد الحياة السياسية والاقتصادية.. شارك فيها عدد كبير في المسئولية السياسية والأخلاقية، كان لهم دور معلوم في ما وصل إليه الحال الآن.
لكن وبرغم كبر حجم المسئولين لم يجد المجلس العسكري الانتقالي غير ثلاثة وعشرين من رموز الحكم بمن فيهم رأس النظام وأقرب المقربين إليه للتحفظ عليهم داخل سجن كوبر، وكأنهم هم فقط من قاد البلاد إلى هذا التدهور المريع.
مسئولون حكوميون وسياسيون من الأسماء الكبيرة والمعروفة لم تطلهم اعتقالات رغم أنهم أداروا نظام الإنقاذ بالريموت كنترول وكانت قراراتهم (الخرقاء) تنفذ أكثر من قرارات البشير إلى درجة أن رأس النظام نفسه كان يشتكي علناً بأن هناك من يتخذ قرارات دون علمه، وأيضاً هناك من لا ينفذ توجيهاته.
وزراء كثر تعاقبوا على الجهاز التنفيذي ومنهم من قبع في موقعه الوزاري سنوات طويلة جداً، عاثوا فساداً.. وأداروا المؤسسات الحكومية على طريقة المؤسسات الخاصة ولم تطلهم اعتقالات.
عدد من الأسماء ظهرت في قضايا فساد واضحة من نيابة المال العام أو خلال المحاكمات أو من خلال البرلمان، مثل ملفات فساد تمويل إنشاء شركات سكر.. ومحكمة الأقطان.. تمويل مطار الخرطوم الجديد، وغيرها من قضايا تبديد الأموال والتي جاءت تفاصيلها عبر الصحف اليومية، لكن هذه الأسماء المعروفة مازالت تمارس حياتها بشكل طبيعي بل إن هناك من بنى إمبراطوريات مالية خارج السودان.
صحيح أن معاقبة أي شخص بتهمة انتمائه إلى حزب المؤتمر الوطني أو لمجرد أنه عمل موظفاً أو وزيراً في العهد السابق، ليس من العدالة في شيء. لكن انتقاء أسماء قليلة من ضمن آلاف المنتمين والعاملين في الفترة السابقة أيضاً تنقصه العدالة.
كثيرون استغربوا أن يكون بروفيسور مأمور حميدة وزير الصحة السابق ضمن الـ (23) وراء القضبان.. صحيح للرجل عداوات وخلافات كثيرة، معلومة ومنشورة، لكنه وبشهادة منتقديه لم يمد يده على أموال الدولة كما فعل بعض رموز نظام الإنقاذ من هم خارج الأسوار.. مأمون حميدة نفذ سياسات نقل الخدمة إلى الأطراف والتي تهدف إلى إيصال الخدمات الطبية والعلاجية إلى المواطن بالقرب من موقع سكنه دون أن يتكبد مشقة الذهاب للبحث عنها في مشافي بعيدة في ظل صعوبة المواصلات وارتفاع تكلفتها.. هكذا كانت رؤيته.. اتفق معه البعض فيما اختلف معه البعض الآخر، وتعرض لنقد شديد جداً.. فإذا كانت هذه هي جريرته التي يحاسب عليها فقد ظلم الرجل واختير كبش فداء لإسكات الأصوات التي كانت ضده من الحقل الطبي في البلاد.. أما إذا كانت هنالك قضايا أخرى غير تنفيذه لسياسات الدولة التي اقتنع بها.. فإن العدالة تقتضي تحويله إلى التحقيق والمحاكمة وليس الحجز السياسي.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد