ليس سرا أنشره ، ولا قصة من الخيال تجود بها بنات أفكاري في ساعة نهار ، لكنها قضية من واقع ملفات الفساد الذي حفلت بها حقبة الانقاذيين طوال سنوات حكمهم البغيض ، والتاريخ ليس بعيد بما يجعل استرجاعه ليس عسير .
في شهر اكتوبر من العام 2015 تداولت الصحف بعض الاخبار التي تتحدث عن فساد بمكتب مدير عام الجمارك الاسبق اللواء سيف الدين عمر بمشاركة فاعله من مدير مكتبه الرائد طارق المحجوب ، وقد وجدت تلك الاخبار طريقها الي الاعلام – وكانت في طريقها الي المحاكم – فقط بسبب صراعات مراكز القوى في تلك الفترة وليس بسبب الشفافية ومحاربة الفساد ، وإلا فملفات كثيرة ضلت طريقها الي العدالة وظلت حبيسة الادراج لم تبدأ بحاويات المخدرات ولم تنتهي ببيع الممتلكات العامة للدولة بدون أوجه حق .
كان أول ما لفت الانتباه الي التجاوزات بمكتب مدير الجمارك خطاب إيقاف صدر في حق ضابطين من شرطة الجمارك بمطار الخرطوم أحدهما برتبة عقيد والاخر برتبة ملازم أول بعد إصرارهما علي تفتيش حقائب زوجة وزير للاشتباه في محتوياتها ، وهو التصرف الذي لم يرض كبرياء السيد الوزير بعد أن اتصلت عليه زوجته فقام بمخاطبة سلطات الجمارك لتصدر القرار الذي أوردناه ، ليتضح بعد التحقيقات أن خطاب إيقاف الضابطين صدر بتوقيع مدير مكتب اللواء سيف الدين وليس بتوقيع المدير ليفتح الباب أمام من تساؤلات عديدة عن صلاحيات مدير المكتب التي تخول له ايقاف ضابط برتبة عقيد .
تم فتح تحقيق اداري أسفر عن الكشف عن تجاوزات مالية في مكتب المدير بلغت قيمتها 85 مليار جنيه ، كما كشفت عن مبالغ مالية ضخمة وممتلكات تخص الرائد طارق محجوب ليتم إيقافه عن العمل رفقة مديره اللواء سيف الدين ثم يصدر بعد ذلك قرار بإعفائهما من الخدمة مع تسريبات من وزارة الداخلية تحدثت وقتها عن تحقيق قانوني يسبق توجيه الاتهام بشكل رسمي ومن ثم التقديم للمحاكمة ، وهي الخطوات التي استبقها الرائد طارق بتسجيل تحدث فيه عن إمتلاكه لصور من مستندات تكشف تورط مسؤولين كبار و ( ناس فوق في الدولة ) حسب تعبيره من إعفاءات جمركية بمليارات الجنيهات ويؤكد أن ضهره مؤمن للغاية ولن يستطيعوا أن يمسوه بسوء وأنه يحتفظ بهذه المستندات في مكان آمن خارج البلاد ومن ضمن مايحتفظ به إعفاءات تخص منظمة سند الخيرية لسيارات ومواد بناء ومواد تموينية تم إدخالها دون جمارك وتم بيعها في السوق وقال ( حا أورطهم كلهم معاي ) .
بعد أيام قليلة من انتشار حديث الرائد طارق بمواقع التواصل أصدر وزير الداخلية الفريق عصمت عبدالرحمن تصريحا نفي فيه أن إحالة مدير الجمارك ومدير مكتبه تمت بسبب الاشتباه في الفساد وأن ذلك لايعدو أن يكون إجراءات ادارية عادية ، وأن الوزارة ستتعامل بالشكل القانوني مع الصحف التي نشرت تلك الاخبار وتقوم بفتح بلاغات في مواجهتها ، وهو مالم يحدث بطبيعة الحال حتي تاريخ كتابة هذا المقال .
الان ، وبما أن زمن ( الغتغته والدسديس ) قد ولي الي غير رجعه باذن الله نطالب الجهات المختصة بإعادة فتح التحقيق في هذا الملف لمعرفة ( الناس الفوق ) الذين تمت حمايتهم بايقاف الاجراءات القانونية وتقديمهم للمحاكمات العادلة وكل المفسدين بالعهد البائد .