صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

يا عزيزي.. كلنا أبطال..!

11

هناك فرق

منى ابوزيد

يا عزيزي.. كلنا أبطال..!


“كل ما هنالك أنك تُعطي نفسك مكانةً زائفة، من يَهتم لأمرِك أيها الأحمَق؟!. كم من أمثالك مَرُّوا في هذه الدنيا”.. عزيز نيسين ..!
تُرى ما الذي يشعر به والدان يَزُفاَّن طفلهما “خريج الروضة” بالتهليل والزغاريد؟!. وأي مرحلةِ كبرى تلك التي يحتفلان باجتيازها، وهما يرقصان بالأكتاف، ويهزان بالنواصي والأقدام؟!. أي جنٍّ ذلك الذي يتلَبَّس رجلاً يتقافز بعمامته وهو يلقي برزمة “خمسينات” في حجر غنَّاية. ليس لشيء سوى أنها قالت وهي تنقر بأصابعها على أطراف دلوكتها “سمحة الهيبة فوق مختار”?!. فلا هو أصبح مختاراً، ولا هي أقلعت عن التغني بهيبة المختار – سيد الاسم – وهي تغازل جيب مُختار سواه ..!
إنه ذات السبب الذي أدركَتهُ الحكَّامات جيداً منذ قديم الزمن، فأشعلن حروباً وأطفأن أخرى، وهنّ ينقرن بمهارة على ذلك الوَتَر الحساس، وتر الحاجة إلى البطولة، ذلك الشوق الذي يبقى كامناً داخل كل إنسان ثم “يتاوق” أحياناً، لكنه عند شعبنا في هذا السودان نشط، و”زيادة شوية” ..!
ذات الوالدين يودعان مرحلة “احتفال الروضة” ثم يخوضان رحلة التوتر والقلق على مستقل أكاديمي لطفل صغير، ما يزال علمه عند الله، فيسرفان في التشويش على طفولته البريئة بصنوف النصح والتعنيف والترغيب والترهيب، ويثقلان كاهله الغض بمسؤوليات جسيمة، مفادها أن يجتهد دوماً حتى يكون من أوائل المتفوقين، الفائزين بمقاعد الصدارة في كل شأن ..!
حتى فقد الأطفال في مجتمعنا شيئاً من براءتهم وتهدّلت أكتافهم الصغيرة بثقل الحقائب وثقل المسؤولية، بعد أن صار الآباء يكِلون إلى صغارهم مهمة تحقيق ما لم ينجحوا في تحقيقه. حتى إذا اكتمل المشوار بيوم التخريج الجامعي العظيم، زغردت الأمهات وعرض الآباء على أهازيج تلك البطولة ..!
أما أصحاب العمم والملافح الذين يمطرون “الغنَّايات” بالأوراق النقدية في مواسم الأفراح التي يكثر فيها التغنّي بهيبة مختار، فهم ذاتهم أصحاب “العصايات” الذين يرفعونها تهليلاً وتكبيراً مع معزوفة “دخلوها وصقيرها حام”. ولئن سألتني عن الفتوحات السياسية أو المعارك الاقتصادية التي خاضها هؤلاء الراقصون، لأجل هذا الشعب، فما المسؤول عنها بأعلم من السائل!. ناهيك عن أصحاب البطولات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتناحر السياسي ..!
البطولة ليست ساعةً نُسلِّم فيها أنفسنا لجموح أخيلتنا. نحن – ببساطة – لا نقرر أن نصبح أبطالاً. كل البطولات الإنسانية أتت كنتائج راجحة لعظمة الأفعال الدالَّة على الفاعلين ..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد