صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ياها الانتقالية دي بس !

19

حاطب ليل

د. عبد اللطيف البوني

ياها الانتقالية دي بس !

(1)

يتحدث الناس كثيرا هذه الايام عن احتمال حدوث انقلاب في البلاد ولكن في تقديري أن مثل هذا الحديث لا يعدو إلا يكون تعكيرا للاجواء واشاعة للاحباط لإفشال الفترة الانتقالية، فالمعطيات الموضوعية تجعل من المستحيل قيام انقلاب في مثل هذه الظروف، فالتطعيم (القراحة) التي حقنت بها ثورة ديسمبر المجيدة شرايين الشارع السوداني ما زال مفعوله ساريا، فالانقلاب يكون على نظام منتخب تراخت اوصاله أو نظام عسكري تكسرت اسنانه ولكن لا يمكن أن يقوم على ثورة ما زالت الحرارة تسري في سلوكها. اما من ناحية اجرائية فالقوة المادية لم تعد في يد القوات المسلحة النظامية وحدها فهناك قوات موازية وحركات مسلحة ومليشيات كلها تمتلك السلاح هذا بالاضافة إلى أن كل الانقلابات التي شهدها السودان كانت تقف وراءها قوة حزبية فأين الحزب الذي يخطط لانقلاب الآن؟ ياربي في بوادر تلاقي بين فصيل سياسي وفصيل عسكري؟ برضو حا تفشل (انا ما بفسر …)

(2 )

يتحدث البعض عن انتفاضة أو تجديد الانتفاضة وهذه ايضا في تقديري مستحيلة فمن حيث النظر لا يمكن قيام انتفاضة فوق انتفاضة ثم انه من المستحيل حشد الناس بذلك القدر الذي بدأ من منتصف ديسمبر 2018م وانتهى في 30 يونيو 2019م مرورا بحداشر ابريل والاعتصام وفض الاعتصام، فالناس كانت موحدة ضد نظام فقد الصلاحية وقد انتهى هذا النظام بقانون التفكيك فعلى ماذا يمكن أن تحتشد الناس الآن؟ ضد حكومة حمدوك؟ عليه اي دعوات لانتفاضة جديدة أو وقفات احتجاجية أو اضرابات أو اعتصامات لا تعدو إلا أن تكون لتسميم الاجواء وافشال الفترة الانتقالية ومن ناحية اجرائية فإن قوى الحرية والتغيير وهي قوى متباينة في كل شيء كانت قد اجلت خلافاتها إلى ما بعد سقوط النظام السابق والآن وبسقوط ذلك النظام اطلت الخلافات برأسها وظهرت عمليات الحفر والدفن وبالتالي تكون اعادة الانتفاضة قد فقدت الشرط الذاتي اي القيادة الموحدة.

(3 )

اذا اتفقنا على استحالة قيام انقلاب جديد أو ثورة شعبية جديدة هل معنى ذلك ننوم على العسل ونقول الامور عال العال؟ لا والف لا فيمكن أن يحدث ما هو اسوأ والتجارب حولنا بالكوم ففشل الدولة اقرب من حبل الوريد والبحث عن سودان قد يكون قريبا جدا . فماهو الحل؟ الحل في تقديري في بقاء هذه الفترة الانتقالية وهذه الحكومة الانتقالية القائمة ياهم (البرهان وحمدوك وحميدتي وفيصل ديل) وغير ذلك هو السيناريو الاسوأ، بعبارة اخرى هذه الحكومة القائمة الآن اما أن تنجح أو تنجح وليس امامها فرصة للفشل لأن فشلها يعني نهاية اللعبة التي بدأت بمحمد علي باشا 1821م. نعم يمكن أن تعدل ويمكن أن ترمم ولكن تذهب فهذا مستحيل، عليه على الجميع داخل الحكومة وخارجها، حاضن للحكومة أو متفرج عليها أن يتخلى عن اي اهداف خاصة، شخصية كانت أم حزبية أم جهوية أم عنصرية أم قبلية ويربط وجوده بوجود السودان، اي يقدم السودان، فبقاء السودان يعني بقاء الجميع ولكن بقاء الفرد لا يعني بقاء السودان. قد تكون هذه دعوة رومانسية ولكننا اذا دققنا النظر سوف نجدها عين الواقعية ولكن من يخبر من؟ اللهم احفظ لنا هذا السودان فليس لنا وطن سواه.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد