صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

وللشعب أيضا توقيع

10

بشفافية

حيدر المكاشفي

وللشعب أيضا توقيع

عند الحادية عشر من صباح اليوم السبت الموافق الحادي عشر من أغسطس الجاري، أو ربما عند الواحدة من ظهيرة اليوم نفسه، أيهما كان التوقيت الأصح، وفي لحظة تاريخية يفترض أن تكون فارقة في تاريخنا الوطني، سيتم بقاعة الصداقة في احتفال مغلق التوقيع النهائي على وثائق السلطة المدنية بمشاركة إقليمية ودولية مقدرة. على أن تقام احتفالات شعبية عصر ذات اليوم بساحة الحرية (الساحة الخضراء سابقا).وبهذا التوقيع الذي يجئ عقب مفاوضات ماراثونية متطاولة امتدت لأشهر وتراوحت بين صعود وهبوط وتلاق وافتراق وتصعيد وتهدئة، تكون البلاد قد دخلت فعليا في مرحلة جديدة تعد من أخطر وأدق المراحل، خاصة وأن مؤسسات الانتقال المناط بها التأسيس لدولة سودانية ونظام سوداني مختلف كلية عما سبق، مجابهة بتحديات وصعوبات جمة وقضايا وأزمات محورية عديدة، وهذا من قدر الثورات والهبات والانتفاضات التي تهب في وجه الأنظمة الفاشلة والفاسدة والمستبدة، أن ترث الخراب والدمار على كل الصعد، اقتصاد منهار ونسيج اجتماعي مهترئ وسلام مفقود وخدمات متدهورة وحريات مسلوبة وفساد متفشي وغبائن ومظالم مستشرية، وهذه والله تحديات يشيب لهولها الولدان وتتصدع وتخر من ثقلها الجبال (والله يجازي اللي كان السبب)..
نعم سيتم التوقيع اليوم بين قيادات (قحت) والمجلس العسكري بما يماثل ضربة البداية للفترة الانتقالية التي ستدشن أعمالها رسميا في فاتحة الشهر المقبل الفاتح من سبتمبر والذي نتمناه أن يكون فاتحة خير على البلاد، ولكن ليس فقط (قحت) والعسكري هما من يوقع، فاللشعب أيضا توقيعه بمناسبة هذه اللحظة التاريخية التي يؤمل فيها أن تكون فاصلة، ومحققة للفلسفة العميقة التي يستبطنها الشعار الثوري (تسقط بس)، لاسقاط كل العقليات القديمة وطرائق الحكم البالية التي تعاقبت على السودان وجعلته مثل (جمل العصارة) يدور حول نفسه ويكرر مشاكله وأزماته المزمنة، بينما هو يمتلك كل المقومات والموارد التي تجعل منه ماردا يزاحم بقوة كل الدول الكبيرة والمتقدمة، فالشعب وهو يوقع اليوم على دفتر الحضور الثوري، يريد أن يطوي والى الأبد صفحة النظام المخلوع ويلقي بها الى سلة مهملات التاريخ، لا يريد أن يبقى أسيرا ورهينا لغبائنه ومراراته من عمايل النظام البائد، ولا يريد لحكامه الجدد أن يجعلوا من تلك المرحلة كالحة السواد مشجبا للتبريرات، بل يرغب بقوة فى استشراف المستقبل وبناء الحاضر وانتشال البلاد من تحت الركام، ومن أجل هذه الغاية الوطنية السامية، يعلن من جانبه استعداده وجاهزيته للانخراط فورا في عمليات البناء والانتاج والتعمير وسيواصل نضاله وثورته لبناء دولته الحديثة، دولة السلام والحرية والعدالة، ومن جانب الحكومة فالشعب يتطلع لتنفيذ مطالب الثورة كاملة وتوفير العيش الكريم الذي من أجله ثار، ويريد من قوى التغيير أن يكون التغيير الذي تتسمى به ليس فقط باسقاط النظام، فإسقاط النظام ليس هدفاً لذاته، وإنما هو وسيلة للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية عادلة، ويريد من الحاكمين أن يستوعبوا تماما أن ما
تمر به البلاد هو مرحلة فاصلة ودقيقة وحساسة للغاية، واحتمالات الفشل والتراجع واردة إن لم يتحلوا بالحكمة وسعة الصدر ويراعوا أسباب النجاح.. فبلدنا بالمقابل مهدد بالكثير.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد