سلوك غريب يمارسه أو يسمح به المجلس العسكري الانتقالي، من شأنه أن يُحدث تداعيات خطيرة على مستقبل السودان القريب، حال استمر على ذات نهجه.
أحد مساوئ النظام السابق، أن سنواته الأولى في الحكم، شهدت توترات غير مبررة مع دول الجوار، مصر، إثيوبيا، اريتريا، تشاد، جنوب السودان، والدول الأبعد قليلاً، وكذلك الأبعد كثيراً..! تلك التوترات – وفي بعض الأحيان – كان المتجني هو السودان على الدول الأخرى، ولم يستفد شيئا سوى إرهاق استقراره الأمني والسياسي والاقتصادي لسنواتٍ عديدة، وبات يعيش في هواجس وكوابيس متوالية، من إمكانية الانقلاب عليه، وأصبح يتخيل الأوهام حقيقة! المجلس العسكري في أيامه الأولى من السلطة، استعدى أبرز دول الإقليم، الجارة إثيوبيا، بعد سماحه بتنظيم بوقفة احتجاجية أمام السفارة بالخرطوم قبل يومين تنديداً بـ”المبادرة الإثيوبية”! حمل البعض لافتات “لن نسمح بالتدخلات الإثيبوبية في السودان” وحضرت وسائل الإعلام لتنقل الحدث المخزي! دولة أرادت التوسط، وجاء رئيس وزرائها إلى البلاد ليلتقي بالأطراف المختلفة، اجتمع بهم وأدلى بحديث طيب.
بعد أيام من مغادرته، سمح المجلس بتنظيم وقفة احتجاجية، في حين أنه كان يمنع إقامة الندوات في مناطق الخرطوم المختلفة. لن نتساءل أيهما أولى بالمنع، الندوات أم الوقفات الاحتجاجية أمام السفارات، لكننا كنا نتمنى إعادة النظر في هكذا أمور. الانتقادات العديدة التي توجه إلى المجلس العسكري، تأتي لأنه في السلطة وهو المسؤول والمتحكم فيما يحدث.
قوى الحرية والتغيير، وُجِّهت إليها انتقادات حينما أضاعت فرصة مهمة، لكن هذا لا يعني النظر فقط إلى الماضي.
المجلس يستغل نقطة تفويت الفرصة التي رآها الكثيرون، ويخسر قوى التغيير وها هو يبدأ في خسارة بعض الدول الأخرى المؤثرة.