> كان رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد أكد لممثلي تنسيقية القوى الوطنية خلال لقاء جمعه بها بالقصر الجمهوري ظهر الأحد الماضي، وكنت من حضوره، أن مجلس الوزراء سيقتصر على كفاءات وطنية (مستقلة)، وهو ذات ما أعلن عنه وسيط الاتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لبات في مؤتمره الصحفي عقب إبرام الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى التغيير حين وصف الحكومة الانتقالية بأنها: (حكومة كفاءات وطنية مستقلة)، ولم يعترض على تصريحه أي من مفاوضي قوى الحرية والتغيير (والسكات رضا) كما يقولون.
> ما زادني اطمئناناً تلك الإفادات الصريحة التي أدلى بها الفريق البرهان لقناة النيل الأزرق عبر برنامج (حوار مفتوح) الذي قاده باقتدار وحنكة الأستاذ ضياء الدين بلال، فقد أجاب عن سؤال حول التحديات التي ستواجه الفترة الانتقالية بقوله إنها تتمثل في (عدم توافق الأطراف على حكومة التكنوقراط أو الأعضاء المستقلين التي ستشكل، فالجميع متفق على أنه لا محاصصات حزبية لأن وجودها سيدخل البلاد في دوامة)، ثم قال: (ستكون الحكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة).
> إذن فإن الجميع متفقون على ألا محاصصات حزبية من شأنها أن تدخل البلاد في أزمة ستعصف باستقرار البلاد.
وفي إجابة أخرى حول ما إذا كان لمجلس السيادة (فيتو) على اختيار الوزراء قال البرهان (نعم)، ثم أجاب عن سؤال حول قول قوى الحرية والتغيير إنها ستختار الوزراء بمفردها بقوله: (الأمر منصوص عليه في الاتفاق أن يتم الاختيار بالتشاور وبالتوافق) مضيفاً: (نحن نتشاور مع القوى السياسية وقوى الحرية والتغيير لأن تكون الحكومة من المستقلين).
> إذن فإن اختيار الكفاءات الوطنية (المستقلة) سيكون متاحاً لـ (قحت) وغيرها من القوى السياسية، لأنه يفترض ألا تكون هناك مصلحة شخصية أو حزبية لأي من المكونات أو الأحزاب السياسية في اختيار أعضاء مجلس الوزراء، سيما أن قصر عملية الاختيار على تحالف (قحت) سيضيق واسعاً، فضلاً عن أنه سيتيح لها وحدها أن تختار من يقع تحت دائرة تأثيرها بحكم أنه ينعم بخيرها، وبالتالي ربما يكون طوع بنانها تسيره كيف تشاء حتى لو لم يكن منتمياً لها سياسياً.
> ثم أجاب البرهان عما إذا كان هناك فحص حزبي أو بصيغة أخرى: هل سيجرى تحقق من انتماء المرشحين لأحزاب سياسية حتى يتم استبعادهم بقوله:( نعم ــ سيتم ذلك ــ عبر مجلس السيادة، بالإضافة إلى فحص أمني للتأكد من عدم وجود أي معوق أمني يحول دون المرشح والوظيفة).
> هنا أود أن أنصح المجلس العسكري بألا يقصر أمر الفحص على مجلس السيادة، وإنما يفتح الباب للطعون، فلربما جهل أعضاء المجلس العسكري الخمسة داخل مجلس السيادة حقيقة انتماء المرشحين المقدمين من (قحت) لذلك المنصب الخطير، والأحوط ، بلا ريب، أن توسع دائرة الشورى والفحص.
> إقول إننا نعول كثيراً على أن يكمل وسيط الاتحاد الإفريقي مهمته بأن يتحقق من إيراد ما أدلى به من تصريحات حول (استقلالية) الكفاءات الوطنية في وثيقة الاتفاق الذي سيمهر بتوقيع الطرفين، سيما أن المبعوث الإثيوبي محمود درير كان حاضراً وشاهداً على ذلك المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاتفاق، وقد أدلى بتصريحات لقناة (إسكاي نيوز عربية) تعضد ما أدلى به ولد لبات الذي أكد لنفس القناة ما سبق أن صرح به، ونشرت جريدة (الصيحة) تصريحات الوسيطين لتلك القناة بتاريخ السادس من يوليو الجاري.
> إننا إزاء مواقف تاريخية وأخلاقية أرجو أن تعلو فيها روح التوافق وتسمو بتقديم الانتماء الوطني على الانتماءات الأنانية الصغيرة سواء حزبية أو شخصية، ولذلك أعول كثيراً على تجرد رجلين من قيادات قوى الحرية والتغيير هما (الصادق المهدي وعمر الدقير)، مطالباً بأن يفيا بمطلوبات الاتفاق، أو قل بالعهد المبرم، بحيث لا يُقدم المنتمون للأحزاب السياسية للمناصب الوزارية مهما ضعفت درجة الانتماء.