مرّت حوالي الأشهر الأربعة منذ أن تشكّلت حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك الانتقالية، ورغم أن الفترة غير كافية لإصدار أحكام قطعية على أداء الحكومة في مجملها، نظراً للخراب والملفات الشائكة والمعقدة التى ورثتها من النظام المخلوع، إلا أنه وبنظر المراقبين والمطلعين لتغييرات سريعة في المشهد العام، فإن في بعض شخوصها ظهرت اختلالات كبيرة تستدعي مراجعة سريعة من رئيس الوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير المسئول عن الإشراف على المرحلة الانتقالية لإعادة ضبط إيقاع الحكومة وحمل الوزراء لأن يكونوا في مصاف وزراء لحكومة قامت بثورة شهد لها العالم وبثوار ثاروا على نظام سابق، ويتطلعون لغد أفضل قائم على شعار ثورتهم (حرية سلام وعدالة ) وإحداث تغييرات لسودان مختلف.
أمس الأول أوصى المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، رئيس الوزراء بإقالة وزير الزراعة عيسى عثمان شريف، لتسببه في فشل الموسم الزراعي بمشروع الجزيرة.
وطبقاً لمصادر عليمة، فإن قوى “الحرية والتغيير” أوصت أيضا رئيس الوزراء بإقالة وزيرة الخارجية أسماء عبد الله، بجانب وزير الزراعة؛ وأن حمدوك طلب إمهاله وقتاً يستطيع فيه تقييم أداء كل الوزراء.
وكشفت المصادر لصيقة بقوى “الحرية والتغيير” التحالف الذي تشكلت منه الحكومة التنفيذية الانتقالية، عن تحفظات حول أداء وزير الإعلام فيصل محمد صالح، تم إيصالها لرئيس الوزراء.
وبحسب مصادر صحفية فإن قوى الحرية والتغيير تخلت عن رغبتها بشأن تقييم أداء الوزراء بعد مائة يوم من تسلمهم مناصبهم، بعد أن أبلغهم رئيس الوزراء عزمه تقييم أداء حكومته، غير أنه لم يحدد موعد التقييم النهائي.
ضجة إسفيرية:
جدل واسع ومحتدم في الوسائط الإلكترونية صاحب اختيار الأستاذه أسماء محمد عبد الله أول امرأة سودانية تتقلد منصب وزيرة الخارجية في تاريخ السودان منذ استقلاله، حيث الوظيفة السيادية الأرفع دبلوماسياً حكراً على الرجال يتبادلون الكرسي سواء أكانوا وزراء اتحاديين أو وزراء دولة.
تشكيلة حكومة حمدوك واجهت في البداية حملة انتقادات واسعة خاصة من النساء، غير أنه كان لوزيرة الخارجية أسماء نصيب الأسد من جملة الانتقادات المصوبة تجاه فريق رئيس الوزراء؛ وتعرضت لهجوم كاسح بعد ظهورها في برنامج حواري في إحدى القنوات الفضائية، ووصف بعضهم إطلالتها الأولى بالضعيفة والمهزوزة. وهدأت الحملة إلى حد كبير بعد أن احتفت بالوزيرة إحدى المطبوعات الألمانية التي ركزت في إشادتها بالوزيرة؛ من حيث كونها أول امرأة على المستوى العربي تتقلد منصب وزير الخارجية.
فلاش باك :
كشف قيادى بالحرية والتغيير في وقت سابق إبان تقديم قوى الحرية والتغيير ترشيحات لتولي الحقائب الوزارية أن المرشح الأول لتولي حقيبة الخارجية كان السفير عمر بشير مانيس، غير أن الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء رجح كفة الأستاذة أسماء محمد عبد الله، وذلك حرصاً منه لتقلُّد المرأة السودانية التي أسهمت بالقدح المعلى في الثورة هذا المنصب السيادي الرفيع كرد جميل لكنداكات السودان اللائي كن فى الصفوف الأمامية متقدمات على الرجال في مناهضة النظام المخلوع حتى سقوطه، فضلاً عن جعل اسماء تنال شرف أول امراة سودانية تتربع على عرش الدبلوماسية السودانية في تاريخ السودان منذ استقلاله.
تعمل برؤية:
دافع الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير منصور بولاد عن وزيرة الخارجية الأستاذه أسماء وقال إن الوزيرة تعمل وفق رؤية محددة وإنها حققت خطوات كبيرة جداً في عدد من الملفات نحو وضعية أفضل، وطالب بأهمية التفهم للأوضاع، وقال بولاد (للصيحة) إنه من السابق لأوانه الحكم على أداء الحكومة، وبالتالي الوزيرة، ولفت إلى أن الوزارة ورثت ملفات معقدة من النظام البائد تحتاج إلى زمن للتطوير، وجدد التأكيد بأن الوزيرة تعمل برؤية معينة لتحقيق أهداف محددة، وفقاً لمرجعيات الحكومة. وأضافك الوزيرة تتقبل النقد فضلاً عن أنها حريصة على الاستماع إليه .
قديرة ولكن..
مصدر مطلع رفض ذكر اسمه، وصف الأستاذة أسماء محمد عبد الله بالدبلوماسية القديرة، وقال للصيحة إن أسماء طالتها مقصلة التمكين ضمن أكثر من مائة دبلوماسي كانوا من خيرة كوادر وزارة الخارجية الذين لا يشق لهم غبار وخاضوا معترك الدبلوماسية من أوسع الأبواب، ودخلوا الوزارة عن جدارة واستحقاق وبمؤهلات رفيعة وأضاف أن أسماء عملت بالوزارة لأكثر من عشرين عاماً حتى وصلت درجة الوزير المفوض وتنقلت خلالها بمختلف إدارات الوزارة ومثلت السودان في عدد من البعثات الدبلوماسية السودانية بالخارج، ويضيف بعد إبعادها من الوزارة بواسطة النظام المخلوع، لم تبتعد أسماء كثيراً عن الوسط الدبلوماسي، حيث عملت في المنظمة العربية للثقافة والعلوم بالمغرب (اليونسكو العربية)، وقال إن الانتقادات التي طالتها من الناشطين وقوى الحرية والتغيير التي رشحتها لتولي الحقيبة ليس لعدم امتلاكها مقدرات القيادة وإنما لعامل السن، خاصة وأن أي شخض يتجاوز عمره السبعين لا يقوى على التسفار والتحركات الكثيرة، ولفت إلى أن هذا المنصب يتطلب سفراً كثيراً، وإذا أخذنا في الاعتبار العلاقات السيئة التي ورثتها الحكومة الانتقالية من النظام المخلوع خاصة مع الدول الأوربية، فإن معدل التسفار لإصلاح ما خربته الحكومة السابقة يكون بشكل مضاعف، ورحج المصدر أن يكون سبب الضعف في الأداء لكبر السن وليس لسبب آخر، مذكراً بأن أسماء دخلت الخارجية من أوسع الأبواب، وكانت مميزة جدًا إلى أن غادرتها بأمر التمكين .
عادية :
بخلاف من أبدوا تعاطفاً معها، فقد دعا الدكتور صلاح الدومة الخبير الأكاديمى وأستاذ العلوم السياسية بإقالتها بأسرع ما يمكن، وقال الدومة لـ(الصيحة) إن رئيس الوزراء حالياً يتولى إلى جانب أعباء رئاسة الحكومة التنفيذية مهام وزير الخارجية، وأضاف الدومة أن كل المؤشرات تشير إلى أن الوزيرة كانت عادية وغير مميزة في أدائها الدبلوماسي، ونوه إلى أن تقييمه للوزيرة بالعادية ليس انتقاصاً من حق المرأة الدبلوماسية والكنداكات، وأكد ان وزارة الخارجية شهدت وتشهد كوادر دبلوماسية مميزة عملن في شتى سفارات السودان بالخارج، وقال إنه يستشهد بهن في تدريسه لطلابه بالجامعات، معتبراً اختيارها للمنصب غير موفق.