جنة الشوك
جمال علي حسن
وزارة الصناعة.. كهف “الوطاويط” المظلم..!
السيد وزير الصناعة موسى كرامة وفي سياق سرده أمام البرلمان للمعيقات الكبيرة التي تواجه وزارته وتواجه قطاع الصناعة في السودان لم يجد حرجاً في أن يضيف إلى سرده مشكلة خاصة ببيئة العمل في الوزارة والتي لخصها في أن مبنى وزارة الصناعة مليء بـ)الوطاويط(..
ونقول لوزير الصناعة لقد استخدمت المفردة الصحيحة التي تسع لحمولة ضخمة من )الوجع( والألم الذي يواجهه قطاع الصناعة في السودان..
ولعل )الوطاويط( التي تختار الكهوف المظلمة التي لا يكاد يصل إليها الضوء، قد اختارت الوزارة الأنسب لتجعل وجودها معبراً عن حال الصناعة في بلادنا..
معبراً عن كل ما تفضل به الوزير موسى كرامة في حديثه أمام البرلمان من صورة مقلوبة فعلاً حين تأسف من زيادة واردات المنتجات الزراعية في بلد مثل السودان لتصل إلى 24 % من نسبة جملة الواردات في وقت انخفض وتراجع فيه عائد صادرات السودان بنسبة 25 % خلال الأشهر الماضية.
كيف لا يمتلئ مبنى وزارة الصناعة المهملة في السودان بـ)الوطاويط( التي تستعمر الكهوف المهجورة وتنام مقلوبة الرأس طالما أن هذا هو الحال المقلوب في واقع الصناعة في البلاد؟ ففي ولاية الخرطوم فقط أكثر من 35 % من المصانع متوقفة لأسباب اقتصادية تعكس حقيقة شعارات الدولة حين تتحدث الدولة عن دعمها لقطاع الصناعة وخططها لتحريك عجلة الإنتاج فتجد المصانع تتوقف بسبب الرسوم الحكومية المفروضة على الصناعة وبسبب عدم توفر الإمداد الكهربائي وعدم توفر تمويل للصناعة وضعف البنية التحتية وعدم وجود حماية للمنتجات الوطنية وقائمة طويلة من القضايا والمشاكل التي تستنفر كل )وطاويط( الدنيا بأن يأتوا ويستوطنوا داخل كهف وزارة الصناعة في السودان.
ونقول لو كانت الحلول لقضية مثل قضية القطاع الصناعي وأزماته تعتمد على أشخاص وعلى من يقود الوزارة فإن الوزير الحالي موسى كرامة رجل صاحب كفاءة وتأهيل جيد وكان من الممكن أن يستفاد من وجوده في الوزارة ومن كفاءته وخبرته في تطوير الصناعة لو اهتمت الدولة فعلاً بهذا الملف وقدمت الدعم اللازم للانطلاق والحلول المطلوبة لتحريك عجلة الصناعة من جديد.
وزارة الصناعة في بلد يريد أن ينهض ويخرج من مربع الأزمات الاقتصادية يجب أن تكون هي الوزارة الأكثر فعالية وأن يكون مبناها مبنى حيويا نابضا بالحياة لا يرحب بخفافيش الكهوف المظلمة ولا يمثل مستقراً لمثل هذه الحيوانات التي تجسد في شكلها وأسلوب حياتها واقع التناقض فهي ترى بأذنها وليس بعينها..
لا يحتاج وزير الصناعة إلى إخلاء مبنى وزارته من الوطاويط بالقوة بل باهتمام حقيقي من جانب الحكومة والبرلمان الذي قدم فيه تقريره، حيث تبدأ المعالجة من هناك من قبة البرلمان بتشريعات تهيئ المجال لعودة تشغيل ماكينات المصانع، حينها سترحل وطاويط الظلام.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.