* لا أدرى هل سمع رئيس الحكومة أم لم يسمع، بيت الشعر: كلما أنبت الزمان قناةً ** ركَّب المرء فى القناة سِنانا؟ وهو لأشهر الشعراء وأستاذ الأساتذة )أبى الطيب المتنبئ( فى قصيدته النونية الرائعة التى تبدأ بالقول: )صحب الناس قبلنا ذا الزمانا ** وعناهم في شأنه، ما عنانا(، وسأعود لشرح البيت بعد التعليق على المضحكات المبكيات التى نسمعها ونراها من السيد معتز كل يوم!!
* والله إنى أرثى لحال هذا الرجل الذى لا يعرف ماذا يصنع مع المأزق الكبير الذى وجد نفسه فيه بقبول رئاسة الحكومة، وإدارة دولة منهارة، تزداد انهيارا كل يوم بالسياسات الفوضوية والمتناقضة التى يلجأ إليها، فلقد وعد عند توليه رئاسة الحكومة بحل مشكلة السيولة وتغذية الصرافات، وقال فى تغريدة حالمة بتاريخ 10 أكتوبر الماضى : ” “كنتُ قد وعدتكم من داخل بنك السودان قبل حوالي اسبوعين بحل مشكلة النقود في غضون 80 يوما، وسعدتُ باتصال المحافظ وتأكيده لي أن كافة الصرافات الآلية سيتم تغذيتها بالنقود على مدار الساعة اعتبارا من السبت القادم 13 أكتوبر”، ولكنه تراجع مؤخرا عن وعده!!
* ولكى لا نظلم الرجل، فلقد تم بالفعل تغذية الصرافات فى نفس اليوم الذى ذكره )معتز( .. ولكن يا فرحة ما تمت، فلم تلبث أن عادت الصرافات بين عشية وضحاها الى النوم العميق الذى تغط فيه!!
* وليت الأمر توقف عند نوم الصرافات وشح السيولة فى البنوك، ولكن ذهب رئيس الحكومة الى ابعد من ذلك، فبدلا من توفير السيولة الذى وعد به، صار يهدد ويتوعد المواطنين بمصادرة أموالهم، ويصدر القرارات أو يوعز لجهات أخرى بإصدار القرارات التى تحرم المواطنين من أموالهم، وتوضح حالة الإرتباك والفوضى الشديدة التى يعيشها )معتز( وحكومته وحزبه، مثل ذلك القرار الغريب والمضحك للسلطة القضائية بعدم توثيق عقود بيع وشراء العقارات والعربات إلا بالشيكات المصرفية .. وهو قرار لا يعنى حرمان الناس من التعامل بالنقد فقط، بل يعنى أن العملة السودانية لم تعد مبرئة للذمة .. شفتوا ليكم هوس وتخبط أكتر من كده؟!
* ثم إنه يهدد بإصدار المزيد من القرارات والإجراءات التعسفية فى الأيام القادمة، حيث أعلن فى لقاء مع )الولاة( أول أمس، بأن مجلس الوزراء سيجتمع الاسبوع القادم لإجازة مصفوفة متكاملة لإدارة السيولة بشكل عام .. !!
* وأردف قائلا )حسب الخبر الذى نقلته صحيفتنا أمس(: ” ﺇﻣﺎ ﺷﻴﻜﺎﺕ ﺃﻭ ﺳﺒﻞ ﺑﻴﻊ ﺃﺧﺮﻯ, ﻭﻧﻘﺎﻁ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻤﻮﺑﺎﻳﻞ, ﻭﺗﺎﺑﻊ: “ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻧﻘﺪﻳﺎً ﺑﻨﺴﺒﺔ 100% ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻪ ﻗﺎﺋﻞ, ﻭﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎﺱ” .. والله لا توجد كارثة غيركم، فكل بلاد العالم تغرى الناس وتعطيهم الكثير من المزايا والتسهيلات لوضع نقودهم فى البنوك، ولا تفعل ذلك بالتهديد والوعيد والقرارات التعسفية وحرمانهم من إستخدام أموالهم، ومصادرتها فى البنوك، كما تفعلون!!
* ﻭحمل الخبر أن ﺭﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟـﻮﺯﺭﺍء ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ سخر ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ, ﻭﺫﻛﺮ: ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻮﻥ، فأﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺘﻮﺟﻬﻬﺎ ﻟﻀﺦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ, ﻭﺃﻭﻝ ﺍﻧﻌﻜﺎساتها ﺍﻟﺘﻀﺨﻢ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﺟﺪﺍً” .. يعنى بإختصار بيقول ليكم )قروشكم دى بلوها وأشربوا مويتها(، وكمان بخفف فى دمو!!
* ولكنه للأسف لا يدرى أنه أول من يستحق الرثاء والسخرية، فكما وجد الناس وسيلة للتعامل مع أزمة السيولة ومحاولات الحكومة المتلاحقة لإذلالهم وإرغامهم على وضع أموالهم فى البنوك وحرمانهم من إستردادها، سيجدون عشرات الوسائل للتعامل مع قراراته اللاحقة، إلا إذا ألغت الحكومة النقود، أو أصبح الشعب مغفلا يودع نقوده فى البنوك، وهو يعلم أنه سيُحرم منها، ولن يحدث ذلك، وكلما لجأت الحكومة الى وسيلة لإذلالهم، وجد المواطن مليون وسيلة لإجهاضها والسخرية من الحكومة، وهو ما عناه المتنبئ ببيته الشعرى البليغ )كلما أنبت الزمان قناةً ** ركَّب المرء فى القناة سنانا(، مع الفارق الكبير بين معتز والزمان الذى يبنى بينما يهدم معتز .. !!