)1(
عندما زار الرئيس رجب طيب أردوغان السودان كان في صحبته أكثر من خمسين رجل أعمال تركي اجتمعوا برجال الأعمال السودانيين وعقدوا عشرات الاتفاقيات أما الرئيس رجب فقد قال بعضمة لسانه إن التبادل التجاري القائم بين السودان ضعيف جداً وأنه سوف يجعله يصل إلى عشرة مليارات دولار في ظرف خمس سنوات . هذا بخلاف ما أشيع من أن البحر الأحمر سوف يشهد قواعد تركية عسكرية ولكن حتى يوم الناس هذا لم يظهر أي تطور لتلك العلاقة اقتصادياً كان أم عسكرياً. ومع ذلك توالت الزيارات الرسمية التركية للسودان إذ زاره نائب الرئيس التركي ثم وزير الخارجية التركي وآخر الأخبار التي لدينا تقول إن تركيا اتجهت بكل إمكاناتها للزراعة في السودان وأن هناك أراضي شاسعة قد خصصت لها ولمدة 99 سنة وماهي إلا أيام حتى تزدحم ميناء بورتسودان بالآليات الزراعية التركية المتجهة إلى جوف السودان.
)2(
من المؤكد أن تركيا ذات إمكانات زراعية ضخمة والمؤكد أكثر أن تركيا في حالة بحث ملح عن الاستثمارات خارج أرضها، ففي جارتنا إثيوبيا تستثمر بعشرات المليارات. تركيا من أكثر الاقتصاديات نمواً ويكفي أنها من الدول العشرين الأوائل اقتصادياً وكانت حاجزة لمقعدها باقتدار في قمة بيونس أيرس الأخيرة هذا من جهة ومن جهة أخرى أن السودان من حيث الموارد الطبيعية في غاية الجاذبية للاستثمارات التركية خاصة الزراعية، فتركيا متقدمة جداً في مجال التقنيات الزراعية ثم أنها وبحكم عضويتها في السوق الأوروبية المشتركة إمكاناتها التسويقية هائلة جداً إذ إن حاجة أوروبا للغذاء كل يوم تزداد. فتركيا إذا اتجهت بصدق نحو السودان يكون الأمر )دراويش لاقوا مداح( وهاك ياعرضة وإن شئت قل )سمن على عسل(.
)3(
الواضح أن تركيا في غاية التردد في توجهاتها نحو السودان هذا إذا لم نقل في غاية الحذر وحسب علمي أن هناك اتفاقيات وقعت بين البلدين ثم علقت من جانب تركيا فيبقى السؤال لماذا هذا التردد؟ ومتى تكون نهايته؟ ليس لدينا إجابة شافية على السؤال الأول، فقد تكون غير واثقة من استقرار الأحوال في السودان والاستثمارات الزراعية كما هو معلوم تحتاج لزمن حتى تؤتي أكلها أو قد تكون معرضة لضغوط أوروبية لإبعادها عن السودان، فتركيا مرتبطة بالسوق الأوروبية وتتطلع لأن تكون جزءاً من الاتحاد الأوروبي. الأمر المؤكد أن تركيا متحللة من الضغوط الإقليمية لأنها أصبحت قوة إقليمية كبرى المهم في الأمر أن التردد هو سيد الموقف الآن أما فيما يتعلق بأمد هذا التردد فأغلب الظن أنه لن ينتهي بعبارة أخرى. إن تركيا لن تتقدم بثقلها نحو السودان أو حتى بنصف ثقلها ولكنها لن تكف عن مغازلة السودان ودغدغة مشاعره لأسباب تكتيكية تتعلق بالأوضاع الإقليمية وهذه قصة أخرى، ستظل )تكاكي هنا وتبيض هناك( وهاكم المطاعم وصوالين الحلاقة دي.