ضجت الأسافير اليومين الماضيين بتقرير حول تجاوزات في عقودات خاصة بالبترول بين شركة سودابت الذراع الحكومي في كونسورتيوم نفط السودان قبل الانفصال وشركة تراي أوشن الأجنبية ومقرها القاهرة.
بمجرد انتشار المعلومات، سارع المدير السابق لشركة سودابت صالح جعفر والذي كان الموضوع في عهده، إلى إصدار بيان توضيحي، أهم ما فيه إعلانه بأنه جاهز لأي تساؤلات وتحقيقات قانونية. وأعتقد هذا الإعلان يحسب للرجل وليس ضده بالرغم من أن إجراء التحقيق يعتبر خطوة مهمة ومطلوبة حتى يقف الرأي العام على حقيقة ما حدث.
بحثت في بيان السيد صالح جعفر لما ينفي ضياع أموال البلاد من قبل تراي أوشن فلم أجد غير الدفع بالتهمة بعيداً أو نحو جهات أخرى. وهذا أدعى بعمل تحقيق لمعرفة من هو أو من هم الذين قادوا هذا الاتفاق المبهم.
بيان صالح جعفر جاء في عدة فقرات حتى الخامسة كانت تُكرِّر عدم علاقة سودابت مع تراي أوشن، وذلك بعد أن ذكر أن أصل صفقة تراي أوشن مع آل ثان الإماراتية، حيث أنها اشترت نصيب آل ثان البالغ 5% في بترودار وأسمتها تراي أوشن )دار(.. قبل موافقتها طلبت وزارة الطاقة من تراي أوشن التنازل عن 2% لسودابت بعد ذلك طلبت الوزارة من سودابت مباشرة الإجراءات القانونية مع تراي أوشن لكيفية إدارة هذه النسبة.. كل الاتفاقات التي وقعتها سودابت تمت مع تراي أوشن )دار(. المدير السابق لسودابت يقول أيضاً إنهم لم يكونوا على معرفة بطبيعة وحيثيات وتفاصيل المفاوضات التي تمت بين الوزارة وتراي أوشن قبل إجازة اتفاقية الشراء بواسطة وزارة الطاقة. كما نفى أي تحقيق أو استجواب له كمدير من أي جهة. ونوَّه إلى أن حكومة الجنوب صادرت شركات سودابت في كل الامتيازات التي تقع داخل دولتها بما فيها نصيبها المسجلة لتراي أوشن )دار(.
لكن الاتهام الذي رد عليه المدير السابق لسودابت يتعلق بضياع مبلغ 400 مليون دولار وليس مجرد توقيع على عقد به ثغرات قانونية يمكن إلغاءه دون وقوع أضرار.
وكما جاء في المعلومات التي نشرتها )مونتي كارو( أن النيابة المصرية أحالت ثلاثة من قيادات تراي أوشن إلى المحكمة لاتهامهم باختلاس مليار دولار يعتقد أن لها علاقة باستثمارات الشركة النفطية بالسودان من خلال توقيع اتفاقية مع شركة سودابت العام 2008، للاستحواذ على أسهم من حصتها في كونسورتيوم نفط الجنوب بمربعي 3و7 بأعالي النيل. على أن تدفع تراي أوشن مبلغ 400 مليون دولار لتحصل على 60% مقابل 40% لسودابت.
تراي أوشن لم تدفع قيمة تنازل سودابت ولم يتم إيداع أي مبالغ في حساباتها. لاحقاً اتضح أن تراي أوشن تحصلت على تمويل بنفس قيمة الصفقة 400 مليون دولار من البنك التجاري الدولي.
حديث المسئول الأول في سودابت وقتها رمى بالمسئولية كلها على وزارة الطاقة، خاصة أنه نفى علمه تماماً إلا بعد إتمام الشراء وإبلاغه القيام بالإجراءات الخاصة بإتمام الصفقة. ولو أن تصديق هذه الجزئية يكون صعباً إذا علمنا كيفية إدارة سودابت التي تُمثِّل أهم مؤسسة في وزارة الطاقة في ذلك الوقت.
وبما أن البيان لم يؤكد أن سودابت تسلمت بالفعل قيمة الصفقة نظير التنازل عن نسبة من حصتها؛ فتصبح الاتهامات حقيقة لا يلغيها أن حكومة الجنوب صادرت شركات سودابت بما فيها تراي أوشن وتراي أوشن دار.
مطلوب من نيابة الفساد والجهات الأمنية ملاحقة المتورطين داخلياً وخارجياً لإعادة الأموال