:: مبروك لمن نجحوا، وحظا أوفر في العام القادم لم خالفهم الحظ في امتحانات هذا العام.. يوم الثلاثاء الفائت، تم الإعلان عن تائج امتحانات مرحلة الأساس بالخرطوم، وسبقتها ولايات بالإعلان وأخرى لاحقا.. والحمد لله، ثم الشكر لأساتذة أجلاء لم تمنعهم الظروف السياسية التي تمر بها بلادنا عن أداء واجبهم كما يجب، وهم الذين أعدوا الامتحانات وراقبوها وصححوها ثم أعلنوا عن نتائجها في توقيتها، فلهم المحبة والتقدير.
:: ويجب إيقاف توزيع التلاميذ إلى مدارس نموذجية تحظى برعاية الحكومة وأخرى – مغضوب عليها – مسماة بالمدارس الجغرافية، أو كما يحدث طوال عقود الظلم.. نعم، بما أنها ثورة تغيير شعارها الحرية والسلام و(العدالة)، يجب الغاء الظلم المسمى بالمدارس النموذجية، لأن في الإلغاء ترسيخ للعدالة.. وكتبت الأقلام كثيرا، وناشدت كثيرا، وستظل تناشد إلى أن يتم (الإلغاء).. فالنظام المخلوع، منذ عقد ونيف، بلا دراسة وبلا مرعاة للجوانب النفسية للطلاب وأسرهم، ظل يرتكب مخالفة بتقسيم مدارس االبلاد إلى (نموذجية) و(جغرافية).
:: فالمدارس النموذجية، ظلت تستوعب الطلاب المتفوقين في امتحانات مرحلة الأساس، لتنافس بهم طلاب المدارس الخاصة في امتحانات الشهادة السودانية.. قانونياً وأخلاقياً، ليس هناك ما يمنع جمع المتوفقين في مدارس محددة ومسماة بالنموذجية.. ولكن، ليس من العدل ولا كل مكارم الأخلاق، أن تتفرغ سلطات التعليم لهذه المدارس النموذجية، بحيث تشرف عليها وتراقبها ثم تمدها بالكفاءة وكل عوامل (مناخ النجاح)، ثم تدع المنسيون في المدارس الجغرافية لضنك التعليم و ( مناخ الفشل).
:: (الطلاب ذوو المستويات الأدنى يؤثرون على الطالب المتميز ويضعفون مستواه، والصفوة المتميزة عندما تكون مع بعضها تسير إلى الأمام)، هكذا الفكرة الخبيثة التي يتكئ عليها هذا الظلم.. فالتلميذ القادم من مرحلة الأساس، والمسمى بالمتميز، إلى مدرسة ثانوية حكومية نموذجية، يحظى بالإدارة المهنية والكادر المؤهل والكتاب والأنشطة الثقافية والفصول المثالية خصماً من ميزانية الدولة التي يساهم فيها كل أفراد الشعب.. أي يحظى ذاك الطفل بالاحترام والثقة والعظمة، فينجح وتتصدر مدرسته الحكومية قائمة (الأوائل)، وهذا حق مشروع للطالب والمدرسة.
:: ولكن الطفل الآخر، والقادم من مرحلة الأساس أيضاً، إلى مدرسة ثانوية حكومية جغرافية، فإن وجد المعلم لا يجد الكتاب، وإن وجد الكتاب لا يجد الفصل، وإن وجد الفصل لا يجد المعلم، وهكذا.. أي لا يجد الاحترام والثقة.. وعندما تتباهى سلطات التعليم بدخول بضعة طلاب بمدارس نموذجية في قائمة المائة الأوائل في نتائاج الشهادة السودانية، فإنها تتناسى بأنها ظلمت آلاف الطلاب بالمدارس الجغرافية وأنهكت حقوقهم وذلك بحرمانهم من عوامل التفوق وبهدم أضلاع مثلث النجاح على رؤوس طموحات أسرهم.
:: ومع هذا التصنيف غير العادل، هناك ظاهرة (غير تربوية)، وهي أن هناك مدارس نموذجية تقبل أعداد قليلة من الطلاب المتفوقين (مجاناً)، ثم تخصص مقاعد الفصول – أو فصول كاملة – للقبول الخاص، أي تتتخذ الطلاب المتفوقين (طُعما) تصطاد بهم طلاب القبول الخاص، وهذا غير أخلاقي وغير تربوي.. فإن كانت ثمة مقاعد إضافية في المدارس الحكومية، فالعدالة تقتضي رفع الحد الأدنى للقبول بحيث تستوعب تلك المقاعد المزيد من الطلاب الناجحين (مجاناً)، بدلا عن بيع المقاعد (لمن يدفع).