الاسلوب الدبلوماسي، ليس وسيلة تستخدمها الأمم كفن من فنون التواصل والتفاوض في حل المشكلات الدولية، فقط إنما هو أيضاً وسيلة جيدة في حل المشاكل الاقتصادية والسيطرة عليها، والخطاب الاعلامي والسياسي له تأثير كبير على الواقع باعتباره واحداً من الطرق المعروفة التي تستخدمها الدول لمعالجة العلل الاقتصادية التي تخشى أن تضر بصحة اقتصادها، حتى تتمكن من إنعاشه إن رأت انه ليس بخير، وبعد انتشار كورونا كان مجلس الشيوخ الامريكي أقرها من الحلول الاقتصادية من بينها حزمة التحفيز الاقتصادي لطمأنة الأسواق بشأن الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، في ظل الانتشار السريع لوباء كورونا الذي كان له تأثيره السلبي عليه، الا ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب كان يمثل خطراً كبيراً بتصريحاته المتهورة على الاقتصاد وحسب رؤية بعض الخبراء الاقتصاديين الأمريكيين صنف ترامب انه الأكثر ضرراً على الاقتصاد من كورونا، لأن تصريحاته كانت قادرة على هزيمة إصلاحات مجلس الشيوخ الاقتصادية، فترامب بتغريدة واحدة يكتبها في أقل من عشر ثواني كانت تكلف امريكا الكثير لتعيد ترتيب أوراقها من جديد مابعد تغريدته.
ولم تختلف وزيرة المالية السابقة د.هبة محمد علي، عن ترامب كثيراً عندما ذكرت في إجابتها عن سؤال يتعلق بوصول وديعة بقيمة 500 مليون دولار من دولة عربية الى خزينة بنك السودان، فأوجأت الوزيرة في طريقة الإجابة التي كانت تفتقر للدبلوماسية ، وتكشف عن ضحالة الخبرة السياسية للتعامل مع قضايا الراهن الاقتصادي، عندما قالت (نتمنى أن تكون حقيقة، ولكن من ناحية رسمية لم يصلني كلام بالشكل دا).
ومعلوم ان خبر الوديعة كان له انعكاسه المباشر على انخفاض الدولار الأمر الذي جعله ينعكس مباشرة على أسعار السلع الاستهلاكية من بينها أسعار السكر وزيت الطعام، هذا التأثير الذي يعلمه القاصي والداني ولكن تجهله وزيرة المالية السابقة، لتطلق تصريحاتها المتهورة على الهواء وتسبب إشعال أسواق العملة ليصعد الدولار من جديد ولو كانت وزيرة المالية تتمتع بقليل من الخبرة لحاولت ان تكون إجابتها بطريقة أخرى، ان لم تكن تأكيداً قاطعاً، لم تكن نفياً قاطعاً ولكنه هوس التصريحات والظهور الاعلامي المضر الذي ربما يهزم خططاً اقتصادية على منضدة وزير المالية، من بينها خطاب الطمأنينة للشعب بدلاً من الخطاب الذي يشيع الخوف ويفتح نفاجات اليأس وعدم التفاؤل
وهبة بالرغم من إبعادها من دفة قيادة المالية، ومشوارها المليء بالخيبات وعدم تسجيل نقاط اصلاحية وايجابية في الاقتصاد، لازالت تُصر على اقحام نفسها في القضايا الاقتصادية والبحث عن ايجاد حلول لها حتى بعد علمها بعدم توفيقها في مشوارها بوزارة المالية فبالرغم من انها من الشخصيات التي ستنفذ سياسة صندوق النقد الدولي، الا انني أرى انها كانت ولازالت تشكل عائقاً للإصلاح الاقتصادي، فالوزيرة إبان توليها منصب الوزارة كانت هناك عدة شكاوى من انها تتعامل مع القضايا الاقتصادية بعقلية تنقصها الخبرة وانتقدها عدد من الخبراء في مجال الاقتصاد وانها ضاعفت تعقيدات الاقتصاد وحالت دون ان ترى عدداً من المشاريع الاستثمارية النور، كله طويناه مع صفحة إبعادها من المنصب لكن أن تعود من النافذة مرة أخرى تحمل عصا الإخفاق من جديد فهذا مانستنكره، فبالرغم من تصريحات وزير المالية جبريل ابراهيم حول بقاء الوزيرة السابقة بالوزارة، الا ان إبعاد هبة لنفسها من الوزارة يكون أعظم إنجاز تقدمه لنا منذ توليها المنصب وحتى تاريخ إبعادها.