صدق خبير التخطيط الاستراتيجي بروفيسور محمد حسين أبوصالح في وصفه لحالة الاضطراب التي تعيشها البلاد، بأنّها (دائرة خبيثة) ظلت تدور في داخلها البلاد منذ أن بارح المُستعمِر أرضها وما خرجت منها، وما من نظامٍ سياسي خرج منها بالباب بسبب الفشل إلّا وقاوم للعودة عبر النافذة، حقاً إنّها دائرة خبيثة مُتمددة، ولن نستطيع السيطرة على تمددها إلّا بازالتها على يد جراحٍ شاطر مُختص في إجراء مثل هذه العمليات الجراحية المُعقدة، واعمال مشرِطه لاجتثاث كُل الخلايا السرطانية والأورام السياسية المُتضخِّمة التي ابتلى بها المولى سبحانه وتعالى بلادنا.
أنّى لنا عزيزي القارئ بالجراح الموثوق به لاستئصالها من جذورها واراحتنا من هذا العبث..؟
ما تم في يومِ الثلاثين من يونيو أثبت بوضوح أنّ أسباب العلة موجودة فينا وأنّ البعض منّا لا يوجد في قواميسهم المعنى الحقيقي للوطنية، والهدف من ممارسة السياسة عندهم هو تحقيق مطامحهم الشخصية فقط وليذهب المواطن المسحوق إلى الجحيم، لا يهُمهم ما جرى للبلاد على أيديهم من تدمير ولا شاغل لهم يشغلهم اليوم سوى العودة على عجل لممارسة نفس العبث، رأينا استغلالهم لليوم طمعاً في الوصول إلى سلطةٍ مُشتهاة، لم تُشبعهم السنوات الطوال منها، ولم يمنعهم فشلهم الذي لا يحتاج منّا لاثبات من المغامرة لامتطاء صهوة جوادها مرة أخرى.
يقيني بأن لا عاقل بينهم يُقنعهم بأنّ الحكومة الحالية وغالب من هُم فيها لا علاقة لهم بالثورة ولم يُشاركوا أصلاً فيها، وأنّ اسقاطها (إن) استطاعوا تحقيقه بهذه الفوضى لن يُعيدهم مرة أخرى إلى سلطتهم المفقودة، ويُقنعهم بأنّ المواطن هو من أسقطهم ورفض وجودهم، ولن تُردم الهوة التي أحدثوها بهذه الطريقة البائسة، ولن تُجبر الكسور التي كانوا سبباً فيها هكذا، الواضح أنّهُم ضلوا الطريق الصحيح بسبب البوصلة التي فقدوها، وفقدوا بضياعها حتى القراءة الصحيحة لما يدور حولهم، وأنّ جميع الطُرق موصدة أمامهم.
والواقع يا من خرجتُم تطلبون سلطة ضيعتموها وراحت عليكم مباهجها بسبب العبث والأخطاء السياسية التي ارتكبتُموها يقول بأنّ الفجوة بينكم والمواطن جد كبيرة، ومثل هذه الأفعال العبثية لن تُقربكم شبراً واحداً من السُلطة ولا من المواطن وستزداد بها المسافات بُعدا، عليكُم بالصبر الجميل واحتمال تبعات ترجلكُم القسري من سلطة لو أحسنتُم ادارتها، وحرصتُم فيها على اقناع المواطن (بالعمل) الجاد فيها بأنّكم الأفضل للبثتُم فيها إلى أن يظهر المسيح لتسلمونها له كما قال بعضكم.
نقول للفلول لقد فاتكم القطار فليبحث العاقل منكم عن مطيةٍ أخرى يلحق بها القطار في محطاتٍ لاحقة، فارجعوا للوراء قليلاً ونقبّوا في ملفات العلاقة بينكم ومواطن ما زالت ذاكرته تختزِن كُل ما فعلتُموه به، صدقوني لن تجدوا فيها ما يُغريكم على العودة مرة أخرى.